المرضى في مرمى دكاكين أدوية «الأونلاين»

يعاني اللبنانيون من غياب ممنهج ومقصود للرقابة على ترويج مستحضرات طبية غير معروفة المصدر، عبر مواقع الكترونية وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي «انستغرام» «تيليغرام» و «فيسبوك» و «تويتر». ويعتمد المسوّقون على تسميات رنانة لجذب الموجوعين مثل «صيدلية اونلاين»… «الطلب عليك وتأمين الدواء علينا»… وغيرها من الالقاب البراقة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تتحرك وزارة الصحة بعد لردع الشـركات المروجة لأدوية ومكملات غذائية على غرار ما فعلته باتجــاه مراكز التجميل في منــطقة النبطية وشمالا؟ واللافت انها اقــفلت 13 مركزا لمــخالفتها المواصفات القانونية، مع العلم ان مئات عشرات الصالونات غير الشرعية ما زالت تعمل في بيروت وضواحيها، ومنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية.

حوانيت المواقع الالكترونية

تجري عمليات البيع عبر الانترنت من خلال التسويق عبر صفحات تعود لتجار محسوبين على سياسيين نافذين، يستغلون هذا النفوذ ويقومون بالترويج لمنتجات وادوية تتعلق بالأطفال وبالعناية بالبشرة، الى جانب منتجات مثل الفيتامينات والمكملات الغذائية وادوية التنحيف وخسارة الوزن، والتي تعد من أشرس أنواع الادوية، ومعظم هذه المستحضرات تحتوي سموماً قاتلة على المدى البعيد والقريب. وبعض تركيبة المنحفات تحتوي على مادة «الريداكتيل» وهي خطرة وتناولها قد يؤدي الى الوفاة.

ناهيكم بالتسويق لمستحضرات تجميلية طبية «مزورة» بحسب مديرة المبيعات في شركة فتّال، التي اخبرت «الديار» ان «بعض المساحيق يبلغ سعرها في الصيدليات حوالى 23 دولارا، يتم بيعها اونلاين بحوالى 5 و9 دولارات»، واشارت الى «ان الكريمات التي لا يمكن ان تعطى بدون وصفة طبية قد تؤذي الجلد، وتحدث فيه حفرا او تزيد من التصبغات، مثل «الكوجيك اسيد» و «الصالصاليك اسيد»، وهاتان المادتان يجب ان تستعملا من خلال طبيب متابع للحالة.

وفي هذا السياق رصدت «الديار» صفحات تروج لكريم اسمه «سكينورين» سعره 5 اضعاف السعر المعتمد في الصيدليات. «الديار» تواصلت مع المشرف على الصفحة عن سبب ارتفاع سعر الدواء ليجيب «ان هذا الدواء مفقود من الصيدليات في لبنان، وتم شحنه وادخاله الى لبنان من بلجيكا بناء على طلب خاص».

الادوية والمكملات الغذائية

وعلى الرغم من شكاوى المواطنين من ادوية بلا فائدة، اضطروا مكرهين الى شرائها بسبب فقدانها من الصيدليات. الا ان الصفحات والمواقع الالكترونية تكاثرت بشكل ملحوظ، لكن الاخطر ليس تنامي هذه الصفحات، بل بما تروج له من ادوية تعالج امراض الضغط والسكري وحتى السرطان بلا حسيب او رقيب او تراخيص، حتى ان هذه المواقع متوافرة اونلاين 24/24، والعاملين فيها يفتقدون الاهلية والتخصص الضروريين.

مصدر في «الصحة» ينفي!

بالموازاة، كان شدد وزير الصحة في حكومة تصريف الاعال فراس الأبيض في حديث إذاعي «ان الوزارة تتعاون مع القوى الأمنية للحد من دخول الادوية المزورة بطريقة غير شرعية، كما تتعاون مع نقابة الصيادلة للتأكد من عدم تخزينها في الصيدليات، ومن يفعل ذلك تُتخذ حياله إجراءات تصل الى حد اقفال الصيدلية».

في سياق متصل، قال مصدر في وزارة الصحة لـ «الديار» ان «معظم الادوية المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير معتمدة من الهيئات المتخصصة»، لافتا الى «ان بعض الصفحات تحولت الى مزاد لبيع الادوية عبر إعلانات وشعارات فضفاضة، تزعم ان ادويتها ذات فعالية، وقادرة على الشفاء من الامراض المزمنة بشكل نهائي ودون عوارض جانبية، في محاولة للاتجار بآلام المرضى الباحثين عن حبة دواء لتخفيف اوجاعهم».

وقال المصدر «ان الانترنت أتاح تسويق المستحضرات الطبية الدقيقة الكترونيا، قبل اخضاعها للتجربة والفحوصات المخبرية للتأكد من نظافتها وفعاليتها». ولفت «الى انتشار ظاهرة الوصفات الطبية عبر الانترنت تحت شعار «استشارة مجانية»، تمهيدا لإعطاء المريض دواء يسوّق له أطباء بلا ضمير باعوا شهادتهم لتحقيق الربح المادي».

وأشار المصدر «الى وجود الكثير من المنتجات العشبية التي قد تؤذي بشكل خاص الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع او هبوط في الدم والسكري والسيدات الحوامل، دون ان يكون لهذه التجارة أي رصد قانوني، لان جميع الصفحات والمواقع الالكترونية تسوّق ادوية مهربة وهجينة الاصل، وغير حاصلة على إجازة من الهيئات الدولية او منظمة الصحة العالمية، وتراخيص من الجهات المعنية بملفات الادوية والمستحضرات الطبية وتحديدا وزارة الصحة، كون هذا الملف متعلقا بها مباشرة».

واكد «ان الأشخاص المصابين بأمراض مستعصية هم ضحايا تلك الإعلانات الكاذبة، لشــرائهم مجبرين ادوية بلا أي أساس علمي او اختبار، لتحديد فاعلية هذا العلاج وتحديد اثاره الجانبية».

الصيدليات مهددة!

على خطٍ موازٍ، حذّر الصيدلي رافي عبر «الديار» من «شراء الادوية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها قد تسبب مضاعفات خطرة، قد تبدأ بارتفاع ضغط الدم وتنتهي بجلطة»، واشار الى «ان الشركات المصنعة للبلاسم المروّج لها، لم تذكر العوارض الجانبية لمنتجها او مجالات الاستخدام»، محذرا «من العقاقير المزورة المنتشرة بكثرة ولا رقابة صيدلية عليه، ومن غير المعلوم طريقة تخزينها» لان الترياق يحتاج الى درجة حرارة معينة».

وقال «تم بيع ادوية للسرطان بلا أي فعالية، كما ان الآثار الجانبية جسيمة على المريض، وقد تحدث تسمما في جسم العليل»، لافتا الى ان وزارة الصحة «لا تقدم أي تعاون في هذا المجال لأسباب غامضة، وربما لان المروجين محسوبين على شبكات سياسية نافذة».

في السياق عينه، اعتبر الصيدلي محمد رعد «ان المستحضرات الطبية التي يتم بيعها «اونلاين» باتت متفرّخة بشكل مخيف، والخطر في هذا الموضوع هو غياب الرقابة، لان أكثرية المنتجات التي مصدرها الخارج تعلّب داخل لبنان، ويتم ادخالها بلا رسوم جمركية أي تهريبا لتباع في السوق السوداء، وبعضها بات متداولا في الصيدليات الشرعية بهدف تحقيق الربح، وهذا امر خطر».

تابع، «بعض المواطنين استخدموا ادوية اشتروها «اونلاين»، وللأسف تحسسوا منها، وهذا يؤكد ان المستحضر مغشوش»، لافتا الى «ان بعض الادوية المطابقة للمواصفات الطبية قد يتحسس منها الفرد، فكيف إذا كانت هذه الادوية غير معروفة الصنع او المكونات او منتهية الصلاحية او مخزنة بطريقة غير مناسبة»؟

وبيّن في حديث لـ «الديار» ان «معظم المضادات الحيوية غير معروفة المصدر والتعقيم، والبعض يلحق التخفيضات والعروضات من خلال الإعلانات المثيرة»، كاشفا عن «طبخات مضروبة مقلّدة لمستحضرات تجميل، تعود لشركات عالمية معروفة الاسم ولها باع طويل في هذا المجال، بحيث ان سعر المنتج الأصلي حوالى 30 دولاراً، بينما يباع عبر دكاكين الاونلاين بأقل من ربع القيمة».

 

مصدرالديار - ندى عبد الرزاق
المادة السابقةمغتربون يحوّلون ويأتون بالأموال نقداً: أكثر أماناً من المصارف
المقالة القادمةهل اصبحت منصّة صيرفة كموضوع الدعم الذي استنزف الاحتياطي؟