قلب البنك المركزي الأوروبي الطاولة بعدما كادت توقعات إنهاء دورة التشديد النقدي تترسخ في الأسواق.
وقالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك، أمس الجمعة، إن خفض أسعار الفائدة ليس مدرجاً على جدول أعمال البنك، لتدحض بذلك بعض رهانات السوق على أن وقف رفع أسعار الفائدة قد يبدأ في النصف الأول من 2024.
ورفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي بلغ 4 في المائة، يوم الخميس، لكن في ظل الركود الذي يعانيه اقتصاد منطقة اليورو، أشار إلى أن رفعه العاشر على التوالي من المرجح أن يكون الأخير. وقد دفع ذلك المتداولين إلى تكثيف التكهنات بشأن الموعد الذي سيبدأ فيه خفض تكاليف الاقتراض.
وقالت لاغارد في مؤتمر صحافي (الجمعة): «لم نقرر… ولم نناقش أو حتى نعلن عن تخفيضات»، وتابعت: «سنعتمد على البيانات، وكما قلت، سيكون للمستوى وطول الوقت أهمية كبيرة».
وأكدت لاغارد أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة «لفترة كافية» لإعادة التضخم إلى هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة، ولا يوجد جدول زمني مرتبط بهذه العملية، حيث سيتم اتخاذ القرارات كل اجتماع على حدة، اعتماداً على البيانات الواردة.
بدوره، قال نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، لويس دي غيندوس، إن توقعات السوق مجرد «رهانات»، والتي يمكن أن يتبين بسهولة أنها خاطئة، حيث سيركز صناع السياسات على البيانات. وأضاف في تصريح لمحطة الإذاعة الإسبانية «كادينا كوبي»: «يمكن للأسواق أن تكون مخطئة أيضاً؛ فهي تستند إلى سلسلة من الفرضيات التي لا تتحقق أحياناً، وهي أننا سنبدأ في خفض أسعار الفائدة في 24 يونيو (حزيران)… إنه رهان، قد يكون صحيحاً وقد لا يكون صحيحاً».
وفي الوقت نفسه، رفض محافظ البنك المركزي في لاتفيا الفكرة التي روَّج لها خبراء السوق بأن خطوة يوم الخميس كانت «رفعاً متشدداً أخيراً»، وقال إنه لا يزال من الممكن تشديد السياسة مجدداً إذا لزم الأمر.
وقال مارتينز كازاكس لـ«رويترز» على هامش اجتماع لصناع السياسة المالية بالاتحاد الأوروبي في سانتياغو دي كومبوستيلا: «أنا مرتاح للمستوى الحالي لأسعار الفائدة، وأعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح للوصول إلى (تضخم عند) 2 في المائة في النصف الثاني من 2025… لكن إذا أخبرتنا البيانات أننا بحاجة إلى زيادة أخرى، سنفعل ذلك».
وقال البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، إنه يرى أن أسعار الفائدة «وصلت إلى مستويات يمكن الحفاظ عليها لفترة طويلة بما فيه الكفاية» من شأنها أن تساعد في إعادة التضخم إلى الهدف.
وأشار صانع السياسة الليتواني جيديميناس سيمكوس، إلى أنه يأمل أن يكون البنك المركزي الأوروبي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة. وتابع: «أريد أن آمل أن تكون هذه هي الجرعة الأخيرة من الدواء».
وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، إن قرار البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة «أمر مفهوم»، وإن مهمة حكومته هي دعم البنك المركزي من خلال اتّباع «سياسة مالية تقييدية إلى حد ما».
وقال كازاكس: «على الأسواق أن تتخذ موقفاً؛ لكنّ خفض سعر الفائدة في أبريل (نيسان) لا يتوافق مع السيناريو الكلّي لدينا. لقد قلنا بوضوح إننا سنبقى في المنطقة التقييدية ما دام ذلك كان ضرورياً للوصول بالتضخم إلى 2 في المائة».
قبل أن يتم خفض أسعار الفائدة، سيتعين على البنك المركزي الأوروبي اتخاذ قرار بشأن استعادة بعض الأموال النقدية التي ضخَّها في النظام المصرفي على مدى عقد من الزمن كان فيه التضخم منخفضاً للغاية، من خلال عدد من برامج شراء السندات.
وأضاف كازاكس: «هناك سيولة فائضة يجب التخلص منها، وسيتعين علينا مناقشتها. يجب أن يحدث ذلك قبل خفض أسعار الفائدة».