قالت مصادر مطّلعة إن مصرف لبنان طلب الأحد الماضي من وزارة المال وقف تسديد أي دفعات مترتّبة على الخزينة بالليرة اللبنانية خوفاً من ضخّ كميات بالليرة في السوق تهزّ «الاستقرار النقدي». كما طلب من المصارف تقليص كميات الليرات التي تضخّها في السوق. وأتت هذه الطلبات إثر تحرّكات بارزة في السوق السبت الماضي، إذ تزايد الطلب على الدولار من شركات وصرّافين، وجرى تمويل هذه العمليات من السوق مباشرة من دون أن يؤدي ذلك إلى انعكاسات على سعر الصرف الذي يسجّل استقراراً منذ بضعة أشهر.
وسعر الصرف مستقرّ من خلال سياسة التشديد النقدي التي يمارسها المصرف بالاتفاق مع وزارة المال. فالحاكم بالإنابة وسيم منصوري اتفق مع وزير المال يوسف الخليل على أن يكون ضخّ الليرات من الخزينة ضمن حدود معينة، فلا تكون الكميات التي تضخّها الوزارة أكبر من الدولارات المتوافرة في السوق. وتؤخذ في الاعتبار ضمن هذه المعادلة رواتب القطاع العام بالدولار التي تبلغ 7 تريليونات ليرة إضافة إلى الكميات التي تضخّها المصارف في السوق، فلا يتم إصدار شيكات بالليرة قابلة للصرف النقدي إلا بحدود ضيقة جداً.
وسياسة الاستقرار النقدي قائمة على أساس أن هناك دولارات نقدية متوافرة في السوق مصدرها خارجي بشكل أساسي ويحملها المغتربون أو السياح أو جهات أخرى. لكن هذه الدولارات ليست متوافرة دائماً بالكميات نفسها أو بالوتيرة نفسها، وهذا ما يجعل مصرف لبنان في حالة تشديد نقدي بالليرة لمنع الطلب على الدولار. وتثار أسئلة واسعة عن ضرورة هذه السياسة في ظل سوق مدولرة نقداً بنسبة كبيرة تتجاوز 70%، إذ إن الاستقرار في سعر الصرف لا يفيد إلا من يتعاملون بالليرة، ولا معنى له طالما أن العمليات التجارية في السوق تتم بالدولار، بينما تخنق تداعيات التشديد النقدي والتقشّف في المقابل النشاط الاقتصادي.