“المركزي” ينزف آخر أوراقه الخضراء على “مذبح” الحرب الروسية الشعواء

لم تصدر بعد إحصاءات التجارة الخارجية عن العام 2021، إلا أنه بحسب إدارة الجمارك فقد بلغت حصيلة الاستيراد للفصل الأول من العام الماضي حوالى 3.3 مليارات دولار. الأمر الذي يقود إلى الاستنتاج أن مجمل قيمة الاستيراد عن العام 2021 قد تكون تجاوزت 13 مليار دولار. وذلك بالمقارنة مع استيراد بقيمة 19.2 مليار دولار في العام 2019 و11.3 مليار دولار في العام 2020. هذه العودة الموسعة إلى الاستيراد في العام 2021، بعد تقلصها في العام 2020 نتيجة صدمتي كورونا والانهيار، «ستنسحب على العام الحالي»، بحسب التوقعات.

في ظل غياب البدائل للنقل الخاص والمولدات، فان الطلب على المحروقات هذا العام سيبقى مرتفعاً نسبياً، وسيتراوح بين 1.5 و2 مليون طن للبنزين، وبين 4.1 و4.5 ملايين طن للمازوت، فيما تقّدر قيمة الطلب على المواد الغذائية الأساسية بحدود 2.5 مليار دولار، وتصل فاتورة الأعلاف إلى أكثر من 250 مليون دولار. وعليه فان هذه الفاتورة المحصورة بالأساسيات والمقدرة قيمتها بحدود 10 مليارات دولار سترتفع بين 30 و50 في المئة على أقل تعديل وستتراوح بين 13 و15 مليار دولار.

بحسب آخر المعطيات المسجلة صباح أمس، سجل سعر خام برنت 128 دولاراً للبرميل، فيما ارتفع خام تكساس إلى 124 دولاراً للبرميل الواحد. أي أن أسعار المحروقات زادت بنسبة تتراوح بين 77 و80 في المئة بالمقارنة مع أسعار مطلع كانون الثاني الماضي. فيما وصل سعر الغاز إلى مستوى تاريخي قرب 350 يورو لكل ميغاواط ساعة في أوروبا. كذلك الأمر بالنسبة إلى «أسعار الحبوب والمواد الغذائية التي قفزت بنسبة 20.7 في المئة»، بحسب منظمة «الفاو». وهي مرشحة للارتفاع بنسب أعلى مع كل ارتفاع بأسعار النفط وازدياد الطلب العالمي عليها، وتقطّع سلاسل الإمداد.

هذا الواقع يضعنا أمام تحد جديد يتعلق بقدرة المركزي على الاستمرار في تأمين الدولار للجميع وبدون سقوف من خلال التعميم 161، وتغطية العجز في الحساب الجاري أي (الفرق بين الصادرات والواردات من بضائع وخدمات، بالإضافة إلى الفارق بين الحوالات، التدفقات المالية من وإلى الاقتصاد. يستثنى من هذا الحساب الأموال المستثمرة بالأصول واستثمارات الأسواق المالية)، ولا سيما مع نضوب بقية المصادر التي تُدخل الدولار من استثمارات مباشرة وسياحة وتراجع مردود الصادرات. هذا العجز في الميزان التجاري «لا يمكن تعويضه»، بحسب الخبير المالي والمصرفي د. جو سرّوع، «لانه يتطلب تدفقات نقدية واردة بالفريش دولار، فيما كل ما يملكه «المركزي» من مصادر للدولار محصور بأمرين: شراء الدولار من السوق، أو مد اليد على التوظيفات الإلزامية».

وبحسب سروع فان «المطلوب مصارحة «المركزي» الرأي العام بحجم تدخله، وكيفية تأمينه الدولار عبر منصة صيرفة، وكيفية توزيع المبالغ على المستفيدين من التعميم 161 ومقدار انخفاض الودائع مقابل ما يسحبه العملاء نقداً وعلى أي قطاعات. مع العلم أن تدخل «المركزي» الأساسي مصدره من استخدام فائض التوظيفات الناتج عن تراجع الودائع، أي أنه يستعمل نسبة 14 في المئة المحررة من التوظيفات نتيجة السحوبات من الحسابات. الخطير أن عمليات مصرف لبنان، والتي بجزء منها تنعكس ايجاباً من خلال امتصاص فائض الليرة، لا تتم وفق خطة بعيدة المدى، ولا تأتي من ضمن رؤية موحدة للحل وللخروج من الأزمة. فـ»المركزي» يسابق على حلبة أشواك ارتفاع الأسعار «حافي القدمين». الأمر الذي ستكون نتيجته تضييع المزيد من الدولارات التي نحن بأمس الحاجة إليها لاستعادة العافية في مرحلة الإصلاح.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالمركز التربوي للبحوث والإنماء: سرقات وصفقات… والتفتيش في غيبوبة
المقالة القادمةخطر يتهدّد الأفران والمنقوشة ستصبح من الذكريات