المستثمرون في الأسهم يقبضون بـ”اللولار”… ويدفعون الثمن الأكبر

نقمة الدفع بـ”اللولار” بدلاً من الدولار بنسبة تقل، اليوم، 50 في المئة عن السعر الحقيقي.. تحولت إلى فرصة لقلة قليلة من المضاربين. فبين السعرين هامش كبير من الإستفادة ممكن ان “تقطفه” شركات تداول الأسهم بجرة قلم إغلاق الحسابات، وتصفية الاستثمارات وإرجاعها بـ… “اللولار” طبعاً.

بكثير من الدهشة والإستغراب تلقّى المستثمرون مع شركة Royal Financials المتخصصة في تجارة الأسهم والسندات، كتاب إغلاق جميع حسابات الأسهم والعقود الآجلة. وذلك “بسبب التغييرات غير المتوقعة التي طرأت على الأنظمة المصرفية اللبنانية والأسواق المالية بشكل عام”، بحسب نص الكتاب. الخبر يبدو لغاية الآن عادياً. وهو يحصل مع الكثير من الشركات التي توظف وتستثمر أموال العملاء في الأسواق المالية وتجارة الأسهم والعملات والسندات وخلافه.. إنما المفاجأة كانت ان الشركة التي طلبت من العملاء إغلاق جميع مراكزهم في غضون 30 يوماً من تاريخ تلقي الكتاب وعدم اتخاذ أي مراكز جديدة، حددت بما لا لبس فيه ان العملاء سيتمكنون من سحب أموالهم أو استرجاعها عبر شيك أو حوالة مصرفية إلى أيٍ من المصارف اللبنانية. بعبارة أخرى، فان المستثمرين سيخسرون نصف المبالغ المدفوعة بالدولار عند الاستثمار بفعل الفارق الكبير بين الدولار الطازج والدولار المحلي أو اللولار.

الأسهم موظفة في الخارج

قد يكون مفهوماً أن تلجأ شركة ما توظف أو تستثمر في اسهم الشركات اللبنانية، على قلتها، اللجوء إلى مثل هذا التدبير. إنما وبحسب أحد العملاء فان الشركة توظف الأموال في الخارج، وهي تشتري باسمها لصالحهم أسهماً تتداول في الأسواق العالمية. لذا من واجبها إرجاع الأموال بالدولار النقدي “الطازج” كما ستقبضه من الخارج.

إصرار الشركة على ضرورة إقفال العملاء لحساباتهم فوراً لانها “مباشرة” ستقفل جميع الحسابات، قوبل برفض حاملي الأسهم التوقيع على الكتاب في الوقت المحدد وإبراء ذمة الشركة.. مما اضطرها، بما يناقض إدعاءاتها السابقة، إلى تمديد فترة الإغلاق شهرين إضافيين بشرط قبول العملاء تقاضي أموالهم بشيك مصرفي، وهذا ما أثار أيضاً العديد من التساؤلات.

العملاء مجبرون على البيع بـ”اللولار”

عادة في مثل هذه الحالات التي تضطر فيها شركات التداول إلى الإقفال أو وقف التداول بالأسهم والسندات لمختلف الأسباب، تُترك الحرية متاحة أمام العملاء الذين لا يرغبون في بيع أسهمهم، نقلها إلى شركة أخرى. وهذا ما لم توفره شركة “رويال فاينانشل”، بحسب العملاء. فهي تجبر العملاء على البيع وقبض الثمن بشيك أو حوالة، بحجة أنهم (المستثمرون) اشتروا الأسهم بنفس الطريقة منذ نحو 3 سنوات. ولكن من وجهة نظر العملاء فانه “عند الشراء لم يكن هناك من فرق بين شيك الدولار أو الحوالة، والدولار الفعلي، هذا أولاً. أما ثانياً فان حجة الشركة أنها اشترت الأسهم بأموالها وأبقت أموال المستثمرين في لبنان، تنافي المنطق”.

الاستدانة على الأسهم!

أحد الخبراء في الأسواق المالية يلفت إلى انه “من المستحيل لمن يملك سهماً يُتداول خارج لبنان أن يتقاضى ثمنه بغير الدولار الطازج. وذلك لأن أرباح الأسهم في الخارج او عائد بيعها يسدد في الخارج. وأي عملية دفع لحاملي الأسهم بغير هذه الطريقة تعتبر سرقة موصوفة، لان قيمة الدولار الداخلي تقل بنحو 50 في المئة أو حتى أكثر عن قيمة الدولار الخارجي. وبالتالي فان الفارق بين الدولار المحلي والدولار الطازج يذهب لصالح الشركة في حين يخسر المستثمر ما لا يقل عن نصف أمواله”.

هناك الكثير من الحالات المشابهة تحصل مؤخراً في لبنان بشكل كبير. لكن ما حصل ان الكثير من شركات التداول استدانت على أسهم عملائها، ووظفت الأموال في لبنان وتحديداً في المصارف للاستفادة من الفوائد الخيالية على الدولار التي كانت تعطيها البنوك. في هذه الحالة لا يعود للشركة من مفر إلا الدفع بـ”اللولار”. انما هذا يعتبر بحسب احد المصادر “إساءة أمانة”. لان الأسهم تعتبر “أمانة” بحسب قانون الوساطة المالية، ولا يحق للشركة الاستدانة على أسهم الزبون أو العميل لصالح الشركة. فالاخيرة ملزمة بالاستدانة لصالح الزبون وليس العكس”. وبحسب المصدر ليس من المستبعد ان يكون حصل الأمر نفسه مع “رويال”.

أمّا في ما خص إدعاء الشركة أنها اشترت الأسهم بأموالها وليس بأموال العميل فهي مخالفة واضحة للقانون. إذ انه يمنع منعاً باتاً الخلط بين الحسابات الخاصة للشركة وحسابات عملائها، بحسب قوانين تنظيم الأسواق المالية في لبنان ومختلف الدول.

إساءة أمانة

من الملاحظ إرتفاع وتيرة التهرب والإحتيال في تجارة الأسهم والسندات بشكل كبير في الآونة الأخيرة، توضح مصادر قانونية قائلة: “صرلنا سنة عم نعاني من هالموضوع”. “فهناك الكثير من الدعاوى وخصوصاً على إحدى الشركات التابعة لمصرف كبير، حيث استدانت على أسهم عملائها وعجزت عن السداد لهم ثمن الأسهم في حالة البيع أو حتى تسديد الأرباح بالدولار “الطازج”. لكن المشكلة برأيه ان “بعض القضاة لا يفرّقون بين دعاوى تسديد الودائع بالدولار الطازج ودعاوى الأسهم. والفرق بينهما كبير جداً. فالوديعة تعتبر حساباً دائناً بامكان المصرف إعادتها بالليرة الوطنية التي تملك قوة إبراء، أو بـ”الدولار المحلي”، كما يقول حاكم “المركزي”. وفي حال التخلف عن سداد الودائع بامكان المودعين رفع دعوى إفلاس في وجه المصرف. أما في ما خص القيم المنقولة من أسهم وسندات فهي تعتبر أمانة، وليست حساباً دائناً والمصرف أو الشركة مجبران على اعادتها بقيمتها الفعلية كما هي وإلا يتهمان بالجرم الجزائي.

المشكلة ان مثل هذه الدعاوى تتطلب سنوات طويلة بحسب الحقوقيين وقليلة جداً القضايا التي رفعت ووصلت إلى خواتيمها السعيدة. وذلك على الرغم من انه يفترض إعطاء الحق الى حامل السهم، وتجريم الشركة بتهمة إساءة الامانة.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالطابعات ثلاثية الأبعاد يمكن أن تتلف الرئتين
المقالة القادمةبغداد تمد بيروت بالوقود بثمن مؤجل: أين يكرّر النفط العراقي؟