المستوردون يخشون تأخّر وصول المواد الغذائية

تشغل إمكانية إقفال ممرّ باب المندب، أو تعطّل حركة الشحن البحري عبره بعد إعلان شركات شحن عالمية تعليق مرور مستوردي المواد الغذائية اللبنانيين بالبحر الأحمر. إذ إن مصدر نسبة نحو 30% من البضائع التي ترد الى لبنان هو الشرق الأقصى.

ويقول رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ»نداء الوطن» أنه «من الصين بمفردها يستورد لبنان مواد غذائية بقيمة تفوق 2,5 مليار دولار ما يشكّل نسبة 14% من مجمل الاستيراد السنوي للمواد الغذائية. عدا الصين لدينا دول مهمة مثل الهند نستورد منها اللحوم، والحمّص، والسكّر، وبعض المعدات الصناعية. ومن ماليزيا نستورد الزيوت وزيت النخيل، وتايلاندا نستورد منها التونة والذرة والأرز وسريلنكا يرد منها الشاي. ومن موانئ الخليج لا سيّما الإمارات تصلنا منتجات، علماً أن الخط البرّي متوقّف وكل الشحنات تتمّ عبر البحار».

تغيير مسارات

ولكنّ المشكلة أن الشركات العالمية التي عطّلت حركة شحنها عبر البحر الأحمر مثل MSC السويسرية، وهي الشركة رقم 1 في العالم، وشركة MAERSK الدنماركية التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً، وتليهما CMACGM الفرنسية شركة الملاحة الثالثة عالمياً، وHAPAG LLOYD شركة الشحن الألمانية رقم 5 في العالم، إضافة الى شركة «يانغ مينغ» الصينية وشركة evergreen التايوانية، تشكّل نسبة 90% من الشحن. فتلك الشركات قرّرت أن تغيّر مسارها من البحر الأحمر وتحديداً قناة السويس الى معبر رأس الرجاء الصالح في أسفل أفريقيا. حتى أن بعض الشركات قام بتجميد إبحار البواخر الموجودة على مدخل الباب الأحمر لفترة يومين أو ثلاثة للإطلاع على حقيقة الأمور.

هذا الأمر مقلق، وعبّر عنه بحصلي معتبراً أنه «إذا بقي الوضع على حاله، فالمنتوجات الغذائية القادمة الى لبنان لتموين شهري كانون الثاني وشباط المقبلين، كون الشحن البحري يستغرق وقتاً، قد لا تصل في وقتها. علماً أن فترة عيدي الميلاد ورأس السنة تمّ توفير الشحنات الخاصة بها والتي تتطلبها السوق، ونتطلع الى توفير المواد الغذائية لتغذية عيدي رمضان والفصح التي نعمل اليوم على شحنها.

رمضان والفصح

فشهر رمضان يبدأ في 2 أو 3 آذار وبالتالي يجب أن تكون المنتوجات في بداية شباط متوفّرة وتمّ إخراجها من المرفأ وتوزّعت على الأسواق لتستهلك طوال الشهر. وبالنسبة الى فترة الصيام لدى الطوائف المسيحية قبل عيد الفصح، فتبدأ أيضاً في الوقت نفسه. وهنا يلفت بحصلي الى أنه خلال شهر الصيام يزيد استهلاك مواد التونة لأن الصائمين يتوقّفون عن أكل اللحوم، لذلك يترتب أن تكون شحنات التونة متوفّرة قبل هذا التاريخ».

ولفت الى أن البضاعة التي طلبت اليوم تصل في منتصف شهر كانون الثاني وبداية شهر شباط. وإذا تأخّرت حوالي 20 يوماً إضافياً فقد تصل الى الأسواق بعد الفترة التي يترتّب أن تتواجد فيها وهي الـpeak season.

وأكّد أنه «لن يحصل انقطاع أو مجاعة بسبب وقف عبور الشاحنات عبر باب المندب، ولكنّنا نواجه اضطرابات في سلسلة التموين والتوزيع ونخشى أن يتفاقم الوضع أكثر». معرباً عن خشيته على الأمن الغذائي من بابه الأول وهو تواجد الغذاء، إذ إنه في كل مرة ننتهي من معالجة مشكلة ندخل في مشكلة أخرى. ولا يسعنا في الوقت الراهن، طالما أن تلك المعضلة هي عالمية وترتبط بحرب غزّة، سوى الترقّب والمراقبة، متمنياً أن تتحلحل الأمور. في الوقت الراهن نراقب شحناتنا، لأن القرارات تؤخذ بوقتها، والبواخر التي تخرج اليوم من الصين تستغرق نحو 10 أيّام لتصل الى البحر الأحمر».

مسافة مضاعفة

وحول إمكانية وجود طريق ثانٍ، يقول بحصلي هناك طريقان يمكن سلوكهما إما عبور الشحنات البحار من البحر الأحمر وتحديداً عبر ممرّ باب المندب لتدخل الى قناة السويس وتتجّه نحو بيروت. وهذا الطريق العادي الذي تسلكه عادة باخرات الشحن.

أما الطريق الثاني الذي يمكن عبوره فيتمّ عبر أفريقيا على غرار ما كان الوضع عليه في الفترة التي سبقت العام 1800 أي قبل بدء العبور من خلال قناة السويس. فبدلاً من أن تتجه الباخرة نحو البحر الأحمر وتدخل عبر مصر الى قناة السويس لتصل الى بيروت، ستمرّ عبر أفريقيا وتحديداً عبر باب الرجاء الصالح وهو في أسفل أفريقيا، وهذه «اللفّة» تستغرق نحو 15 أو 20 يوماً إضافياً للوصول الى لبنان وبكلفة مضاعفة نظراً الى كمّيات الفيول المستخدمة، كون المسافة التي ستعبرها الناقلات ستكون الضعف. وعن فتح الخط الذي من الإمارات عبر السعودية ثم حيفا، قال بحصلي «لا يمكننا أن نعبر ذلك الطريق البري لأنه علينا أن نمرّ عبر سورية والطريق مقفل، اذ لا يمكن أن نمرّ من الأردن الى إسرائيل. وبالتالي لا يمكن أن نستورد بضائع عبر البرّ».

هل سترتفع الأسعار؟

أكّد بحصلي أن «الكلفة المضاعفة على كلفة الشحن، لن تضاعف أسعار السلع الاستهلاكية، وإنما قد ترتفع بنسبة قليلة نسبة الى نوع المنتوج الغذائي. بالنسبة الى الأرزّ على سبيل المثال فإن سعره ليس مرتفعاً وبالتالي قد يزيد بنسبة تصل الى 10%. أما السلع المرتفعة الثمن، فإن الزيادة قد تتراوح بين 2 و3%.

الصادرات: المسلك نفسه

بالنسبة الى الصادرات اللبنانية الى الخارج، يقول بحصلي إنها تسلك الطريق نفسه، ولكن لبنان لا يصدّر بكميات كبيرة الى الشرق الأقصى والصين. وإنما أكثرية التصدير تكون الى الدول الأروبية والخليج. بالنسبة الى الصادرات الى دول الخليج مثل دبي يواجه المصدّرون مشكلة، أما الى جدّة فلا يوجد مشكلة.

أسعار التأمين لا تتغير

بالنسبة الى أقساط بوالص التأمين أكّد رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان أسعد ميرزا لـ»نداء الوطن» أن أسعارها لن تتأثّر في حال أطالت البواخر فترة عبورها البحري للوصول الى لبنان. مع إشارة الى أن بوادر أزمة النقل البحري بدأت عندما اتخذ الحوثيون في اليمن قراراً بمهاجمة السفن الإسرائيلية والسفن التي تتجّه نحو إسرائيل لدى مرورها في باب المندب قبالة البحر الأحمر، وذلك كقرار مساند للفلسطينيين في حرب غزة. وقرارهم هذا لم يكن مجرد تهديد، فهم بالفعل استولوا على سفينة محمّلة بالسيارات، لأنّ أحد مالكيها إسرائيلي، وأخذوا حمولتها الى منطقة الحديدة في اليمن. وهاجم الحوثيون سفناً محمّلة بالنفط والسلع، وأصحاب هذه السفن شركات ملاحة عالمية من أوروبيين وأميركيين وصينيين ويابانيين، فتعطّل على إثرها الشحن البحري.

 

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقة“حزب الله” ورياض سلامة والمصارف قوّضوا لبنان!
المقالة القادمةخيبة أمل تجارية في “أسواق الأعياد”