ثمانية أشهر مرّت على انفجار مرفأ بيروت، من دون أن تضع الدولة اللبنانية أيّ خطّة لإعادة إعماره. وقبل الخطّة، لم تضع أيّ تصوّر لما تريده. في المقابل، بدأت هجمة دوليّة للاستيلاء على المرفأ، عبر تقديم مشاريع لإعادة بنائه وتطويره. أول العروض قدّمها وفد ألماني رسمياً أمس إلى رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الأشغال العامة والنقل، خلاصتها: نصف مرفأ ونصف سوليدير
بدأت الدول تتسابق على إعادة إعمار مرفأ بيروت، لا من باب المساعدة ولكن من منطلق الاستثمار بمشروع خاص وضمان الاستيلاء عليه لسنوات طويلة. ما حصل أن الدولة الألمانية سبقت جميع الدول إلى تقديم مسوّدة لما ترغب في أن تنفّذه في المرفأ، بينما اكتفى الفرنسيون والصينيون بإعلان اهتمامهم بإقامة المشاريع في هذه المنطقة في اجتماعات مع وزارة الأشغال العامة والنقل. ويوم أمس، عرض وفد ألماني، ترأّسه السفير الألماني في لبنان أندرياس كيندل وضمّ بعض الموظفين في السفارة، إضافة الى ممثلين عن شركة «هامبورغ بورت» للاستشارات وشركة هندسية تدعى «كوليرز»، أمام رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الأشغال، مخططاً أوّليّاً حول المشروع المعتزم إجراؤه على مساحة 126 هكتاراً من مرفأ بيروت. النقطة الرئيسية في ما تقدّم، هي تقسيم المرفأ الى قسمين: قسم يكون عبارة عن محطة الحاويات وما يرافقها، وقسم آخر يتمّ تطويره لبناء مدينة صغيرة نموذجية أسوة بكل دول العالم المتقدمة، على ما شرح الوفد. القسم الأول يبدأ من محطة الحاويات الموجودة اليوم، والتي لا تزال تعمل، ويمتدّ شرقاً ليشمل جزءاً من مكب النفايات في برج حمود؛ أما القسم الغربي فينتهي عند حدود سوليدير، وهو مُخصّص للسياحة وسيكون عبارة عن أبنية «خضراء» وحديقة ومطاعم مع شاطئ رملي.
هذا الاقتراح يعني المزيد من ردم البحر، وفي الوقت نفسه ابتداع شاطئ رملي اصطناعي، فيما الشطوط الرملية المحاذية استغنت عنها الدولة بالمجان لمصلحة السياسيين وأصحاب رؤوس الأموال وترفض استعادتها منهم. فيما الجانب الآخر، سيكون بالتوافق على صيغة «مُرضية للجميع»، بمن فيهم بلدية برج حمود، لكي تسمح باستخدام قسم من المكب لقاء كلفة معينة. وبحسب ما أبلغه الوفد الألماني، فإنّ تطوير المرفأ وتشغيل قسمَيه سينتج منه توفير 50 ألف وظيفة جديدة. لكنه لم يقدّم تصوّراً واضحاً عن نسبة الدخل الذي ستحقّقه الدولة اللبنانية من المنطقة السياحية، وهي تفاصيل ستبحث في مرحلة متقدمة، فيما سيزوّد الألمان وزارة الأشغال اليوم بخرائط للمشروع.
تجدر الإشارة إلى أن حكومة تصريف الأعمال أبلغت الوفد الألماني أن دورها يقتصر على تحضير الأرضيّة لكل المشاريع التي ستقدّم الى لبنان من أجل بناء مرفئه، على أن يكون القرار النهائي بيد الحكومة الجديدة التي ستعدّ مشاريع قوانين لإحالتها على مجلس النواب. وللعلم، في أدراج الدولة اللبنانية مشاريع حول تطوير المرفأ وتحويله الى مرفق سياحي، يتمّ إخراجها إلى الضوء كل حين ثم تعاد إلى مكانها وتُنسى.