دمجت الحكومة مشروعي هيكلة المصارف وإعادة الانتظام الى النظام المالي، في مشروع قانون واحد قد يوزّع على الوزراء اليوم، على أن تعقد جلسة لدرسه وإقراره الأسبوع المقبل. وكانت المصارف بدأت التحرك بشكل ممنهج لمنع إقرار أي بنود تمسّ بمصالحها ومصالح ملاكها. وعلمت «نداء الوطن» أنّ المصرفيين متمسكون بعشر «لاءات» على الأقل لن يتراجعوا عنها أياً يكن الثمن، بحسب مصادر «الصقور» في جمعية المصارف، وهي:
أولاً- إعادة ترتيب المسؤوليات، وبالتالي تحمّل الخسائر، بحيث يقع العبء الأكبر على الدولة ومصرف لبنان فقط. ما يعني استخدام إيرادات أصول الدولة لردّ معظم الودائع. وقد تقبل المصارف بتحمّل 10 مليارات دولار فقط من إجمالي 20 ملياراً مخصّصة لأصحاب الودائع حتى 100 ألف دولار للمودع. وما فوق ذلك يترك للدولة ومصرف لبنان تحمّله أو معالجته. وترفض المصارف التدقيق في الودائع بين مشروعة وغير مشروعة، في المقابل تتمسّك بتصنيف الودائع بين مؤهّلة وغير مؤهلة!
ثانياً- عدم شطب كل الرساميل المصرفية الباقية، والسماح للمصرفيين بإعادة رسملة مصارفهم على فترة زمنية طويلة نسبياً تراوح بين 3 و5 سنوات. ولن تقبل المصارف بتحويل ودائع الى أسهم (بايل إن) إلا بحدود بقاء أصحاب المصارف الحاليين أغلبية مطلقة في الرساميل المصرفية بعد الهيكلة والرسملة.
ثالثاً- الاستمرار في رفض بند في مشروع قانون «الكابيتال كونترول» يفرض على المصارف السماح للمودعين بسحب 800 دولار شهرياً.
رابعاً- رفض الاقتراب من الثروات الشخصية للمصرفيين والأرباح التي حقّقوها وحقّقتها مصارفهم تحت عناوين «المساءلة والمحاسبة» التي يصفها المصرفيون بـ»العناوين الشعبوية».
خامساً- رفض ردّ الأموال المحوّلة أو المهرّبة الى الخارج، إلا إذا التزم كل السياسيين والنافذين (المهربين) بذلك أيضاً.
سادساً- رفض أي بند خاص بالتصفية يفرض العودة قضائياً الى عمليات الماضي أو المسؤوليات الشخصية للمساهمين والمديرين المصرفيين ومدققي الحسابات.
سابعاً- عدم قبول شمول فروع مصارف لبنانية في الخارج ضمن إعادة الهيكلة.
ثامناً- لا تقبل المصارف المساهمة في صندوق استرداد الودائع، وحجمه نحو 40 مليار دولار تصدر بها سندات بلا عوائد باستحقاق 30-35 سنة. علماً أنّ كلفة تلك السندات اليوم 6 مليارات دولار تُستثمر خلال 3 عقود، على أمل أن تعود في 2054 (!) لأصحاب الحقوق المودعين بنسبة 100% من قيمتها الدفترية أي 40 ملياراً.
تاسعاً- عدم السماح بدخول مصارف جديدة أو إعطاء رخص لمصارف عربية أو أجنبية خلال فترة طويلة نسبياً.
عاشراً- عدم التراجع عن تهديد مخاصمة الدولة واللجوء الى القضاء الاداري في حال عدم تجاوبها (أي الدولة) مع المطالب المصرفية التي وردت في «مذكرة ربط نزاع» رفعت الى وزارة المالية في كانون الأول الماضي.
مصادر حكومية أكدت لـ»نداء الوطن» أنّ «هذه اللاءات متفاوتة الخطورة وهناك غيرها أيضاً، لكن على مجلس الوزراء ألا يتهاون كثيراً، وأن يحيل مشروع القانون المدمج الى مجلس النواب في أسرع وقت ممكن. وهناك (في البرلمان) فليتحمل كل نائب مسؤوليته ويعدّل ما يراه مناسباً مع الأخذ في الاعتبار أننا سنصبح حتماً خارج أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ويترك لبنان يقلّع شوكه بيده». واستغربت المصادر عينها «موافقة مصرف لبنان المصرفيين على لاءات غريبة عجيبة، مثل إقراره أنّ خسائر مصرف لبنان تتحملها الدولة، وفقاً لقراءة خاصة لمادة من مواد قانون النقد والتسليف. كما أنه أصدر قبل يومين تعاميم متسامحة جداً تمنح المصارف 3 سنوات إضافية على الأقل لترميم ملاءتها».
ختمت المصادر: «إذا نجحت المصارف في تعنّتها فهذا يعني أننا في بنكوقراطية، دولة الحكم فيها للمصارف وأصحابها بعضد سياسي مشبوه، إذ إنّ في نصف المصارف مصالح مباشرة لسياسيين في الملكية والإدارة وفي النصف الآخر مصالح غير مباشرة. وستظهر هذه المصالح بشكل فجّ وصريح في المناقشات التي سنشهد فصولها في مجلس النواب خلال الأشهر القليلة المقبلة».