المصارف ترفع عمولاتها على الحسابات “المجمّدة قسراً”

خلال السنوات الماضية، لم تكتف المصارف في لبنان باحتجاز أموال المودعين إن لم نقل باختلاسها، لا بل عمدت على مدار السنوات الماضية من بداية الأزمة الى ابتكار العناوين والذرائع لاقتطاع الرسوم والعمولات من الحسابات المصرفية.

ولم تميّز المصارف بين حسابات جديدة وأخرى محتجزة أو مصادرة فالإقتطاعات تطال كافة الحسابات من دون استثناء، وترتفع قيمة الرسوم والعمولات بشكل مستمر من دون أي مسوغ قانوني، امام أعين مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف.

وليست المرة الأولى التي تتطرق فيها “المدن” الى مسألة الرسوم والعمولات المصرفية التي باتت أشبه بـ”الخوّات”، إلا أن المصارف تبتكر رسوماً جديدة تفرضها على الحسابات المجمّدة لديها قسراً، في سابقة لم يشهدها المودعون يوماً.

الحسابات المجمّدة قسراً

تتراكم العمولات على الحسابات المصرفية ومنها تحت تسميات وعناوين مستجدة لم يعتدها اللبنانيون طيلة سنوات تعاملهم مع المصارف قبل أزمة العام 2019. وأكثر من ذلك تعمد المصارف الى فرض عمولات ورسوم على الحسابات المحتجزة لديها (dormancy fees) معتبرة إياها “حسابات مجمدة” على الرغم من أنها مجمدة قسراً، وذلك على مرأى من أعين لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان اللذين لم يحركا ساكناً أمام ممارسات المصارف المجحفة. ولم تكتف المصارف بهذا القدر، بل تقتطع رسوماً إدارية Management fees من حسابات غير فاعلة بقرار منها وتقتطع عمولات مقابل خدمات لم تعد تقدّمها منذ سنوات.

وتتجاوز قيمة الإقتطاعات من الحسابات المصرفية مسألة التكلفة أو العمولة لتصل الى مستوى الممارسات الإبتزازية للمودعين. ويقول أحد المودعين أن حسابه في بنك بيروت كان يحتوي على أكثر من 13 ألف دولار بداية الأزمة وقد رفض أن يسحبها بالليرة على سعر صرف يقل عن السعر الحقيقي للدولار آملاً في انتهاء الازمة واستعادة وديعته “لكن حسابي يتضاءل تدريجياً حتى أني خسرت جزءاً كبيراً من وديعتي بلا سبب وبات حسابي أقل من 10 آلاف دولار، لا أعرف ما الذي يقتطعونه من الحساب وكلما سألت موظف البنك عن ماهية الرسوم والعمولات يقول لي أنها رسوم جديدة لا أفهم ما المقصود” يقول العميل.

ومثل هذا العميل كثر تصل العمولات على حساباتهم المحتجزة لدى بنك بيروت على سبيل المثال الى 20 دولاراً و10 دولارات على البطاقة من الحسابات الدولارية العالقة (وهي ما تعتبرها المصارف لولار) و250 الف ليرة على الحسابات بالليرة في البنك اللبناني للتجارة وقرابة 10 دولارات من حسابات الموظفين الموطنة رواتبهم في فرنسبنك وغيرها كثر من المصارف التي تتعامل مع حسابات العملاء بما يشبه السرقة المنظمة.

أما العمولات بالدولار الفريش فتتجاوز كافة مستويات القباحة بالتعامل المصرفي حالياً، إذ تتجاوز الاقتطاعات 7 و10 دولارات من الحسابات الموطنة بالفريش دولار أما التحويلات فثمة سرقة علنية تمارسها المصارف إذ تتجاوز قيمة الاقتطاعات المعدلات العالمية للحسابات المصرفية وتصل الى 47 دولاراً من حوالة شهرية لا تتجاوز 550 دولاراً شهرياً من سويسرا الى لبنان على سبيل المثال.

ويقول أحد المصرفيين أن المصارف تحصل مصاريفها التشغيلية اليوم من عمولات المودعين والعملاء ويعطي مثالاً على مصرف لديه قرابة 100 الف حساب يقتطع قرابة 10 دولارات كمعدّل وسطي من كل حساب فيجبي نحو مليون دولار شهرياً “هكذا تؤمن المصارف رواتب موظفيها وفواتيرها وعموم نفقاتها التشغيلية”.

رسوم عشوائية

باختصار تجبي المصارف من المودعين والعملاء قسراً مبالغ شهرية بشكل مخالف للقوانين؛ فالقانون اللبناني وإن كان لم يحدد ولم ينظم كيفية وحجم العمولات المصرفية إلا أنه ربطها بالإتفاق المسبق بين الطرفين وبالعقد الموقع بينهما اي بين العميل والمصرف كما ربط العمولة بالخدمة المقدمة في مقابلها كما أعطى الحق للمصرف بإدخال أي تعديلات شرط إبلاغ العميل والاستحصال على موافقته وهو ما تضربه المصارف عرض الحائط.

فالمصارف ترفع التعرفات والرسوم وتستحدث عمولات جديدة تفرضها على العملاء والمودعين على الحسابات المُحتجزة والجديدة فلا تراعي أي اصول او قانون، في المقابل يتعذّر على المصارف القيام بدورها الذي أنشأت من أجله اليوم، فلا عمليات إقراض ولا استثمار ولا أي عمل مصرفي يقول المصدر “فقط تقوم اليوم بعمل تجاري بحت”.

فالمصارف عندما توقفت خدماتها انحرمت من مداخيلها وبالتالي اتجهت الى رفع التعرفات لتأمين بعض النفقات وما لم تفعل ذلك فانها ستضطر الى الاغلاق، يؤكد المصدر المصرفي، هذا الامر من شأنه أن يطيل أمد وجودها.

بالمحصلة لا يغيب عن مصرف لبنان او لجنة الرقابة على المصارف أو كافة المعنيين بحماية المستهلك ما ترتكبه المصارف بحق العملاء، أما سكوت الجميع عن هذا الأمر فمرده إما الى تواطؤ المعنيين أو تعمّدهم غض البصر لحماية بعض المصارف من الانهيار التام.