مرة جديدة تعود أخبار المصارف الى الواجهة، لكن هذه المرة من باب صرف موظفيها. اذ يتم التدول على وسائل التواصل الاجتماعي بأن «كلاً من «فرنسبنك» و»BLC» بنك، عمدا الى اغلاق عدد من فروعهما في أكثر من منطقة رئيسية وصرفا موظفيهما تعسفياً، وتمّ اعطاء بعض الموظفين اجازات غير مدفوعة». ليتبين لاحقاً، وبحسب تأكيد اتحاد نقابات موظفي المصارف لـ»نداء الوطن»، أن «مصرف BLC وحده هو من قام باعطاء اجازات «مدفوعة» لعدد من موظفيه منذ بداية نيسان الحالي، لكن من دون تحديد الفترة الزمنية التي سيعود بعدها الموظفون الى الدوام».
صرف متواصل
ومهما كانت الاسباب التي تقف وراء هذا التدبير، الا أن ذلك لا ينفي حقيقة اساسية، وهي أن عدداً كبيراً من المصارف يسعى الى تقليص نفقاته التشغيلية وتسريح موظفيه، كجزء من فاتورة تداعيات الازمة المالية والمصرفية. وقد بدأ هذا التدبير منذ العام 2021 واستمر بوتيرة أعلى في العام 2022 وصولاً الى اليوم. ليتقلص عدد موظفي القطاع من نحو 23 الفاً تقريباً في العام 2019 الى 17 الفاً حالياً، اي بتراجع نسبته 25 بالمئة تقريباً، بحيث تم صرف نحو 7 آلاف موظف منذ بداية الازمة وهذا رقم ليس سهلاً في هذا القطاع الذي يدّعي التماسك بوجه الازمة.
بلغة الارقام تراجع عدد الفروع المصرفية على كامل الأراضي اللبنانية من 1080 فرعاً نهاية العام 2019 إلى 914 فرعاً عام 2021، كما تراجع عدد الفروع المصرفية إلى قرابة 900 فرع كما في آذار 2022. وهذا التراجع سيبقى مستمراً في العام الحالي وقد يتجاوز الـ 500 فرع (بحسب مصدر متابع لـ»نداء الوطن)، ما يعني خسارة مئات الموظفين الاضافيين وظائفهم.
«الشاطر بشطارتو»
يشرح المصدر أن «تسريح موظفي المصارف مستمر وقد بلغ الى الآن الآلاف، لكن على السكت»، بمعنى أن ما يجري في الـ BLC هو حفلة تسريح جديدة ولكن بأسلوب مقنّع، بحيث يتم ايقاف الموظفين عن الدوام لأشهر قليلة مع تقاضي الراتب، تمهيداً لانهاء خدماتهم لاحقاً»، موضحاً أن «ادارة المصارف باتت تتبع هذا التدبير بعد الضغوط، والضجة الكبيرة التي حصلت في بداية عمليات التسريح. والدليل انه بعد ايقاف الموظفين عن العمل لم يتم استدعاء اي منهم مجدداً الى الدوام».
يضيف ساخراً: «اصحاب المصارف «شاطرين» بهذه الالتفافات، ولا عجب أن يعمدوا الى ذلك، فهم لم يراعوا حقوق المودعين لديهم، فهل سيراعون حقوق الموظفين؟ أشك في ذلك»، مشدداً على أن «القطاع المصرفي لن يستعيد صحته مجدداً، لأن المشكلة ليست في اعادة هيكلته، بل باعادة ولادته من جديد، وهذا الامر مرتبط بالوضع السياسي وبالازمة الاقتصادية المستفحلة دون حل، وهذا يعني أنه لا يمكن ان يشهد القطاع أي استثمارات جديدة في المدى المنظور».
ويؤكد المصدر أن «التعويضات التي دفعت للموظفين المسرّحين، تمت بطريقة الابتزاز. بمعنى أن ادارة المصرف تعرض على الموظف مبلغاً معيناً وفي حال رفض تلوح له بطريقة أو بأخرى بأنه لن يحصل على شيء. وعند بداية الازمة وازدياد عمليات الصرف، حاول وزير العمل السابق كميل أبو سليمان حماية الموظفين، من خلال وضع بروتوكول للصرف ونيل الحقوق، لكن من يطبق هذا البروتوكول»؟.
ويختم: «يتم التعويض للموظفين بالليرة اللبنانية وهذا ظلم، وكل مصرف يحاول صرف موظفيه والتعويض عليهم بحسب ما يناسبه والشاطر بشطارتو».
رأي النقابة
من جهته يشرح رئيس اتحاد نقابة موظفي المصارف جورج الحاج لـ»نداء الوطن» أن «ادارة مصرف BLC طلبت من عدد غير قليل من موظفيها في بداية الشهر الحالي عدم الدوام، لكن مع تقاضي رواتبهم، ما عدا بدل النقل، وبالتالي فان عقد العمل لم يفسح من الناحية القانونية»، لافتا الى أن «فترة الاجازة المعطاة لهم يجب ان تكون مبررة، وتبلغ اليوم فعلياً الموظفون باجازة مدفوعة، ونحن كاتحاد نرصد هذا التدبير وننتظر حتى نهاية الشهر الجاري، للتدخل في حال لم يعودوا الى عملهم، وسنتواصل مع ادارات المصارف لنفهم هذا التدبير الى متى، وما هي استراتيجية المرحلة المقبلة».
يضيف: «هناك تراجع في الواقع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان بشكل مخيف نتيجة الازمة. وأزمة المصارف كلما طالت كلما كانت لها انعكاسات سلبية على الموظفين كما هي سلبية على كل المودعين. والمطلوب هو حل سياسي سريع، أي انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وبحث جدي في خطة نمو اقتصادي للخروج من الورطة التي نحن فيها»،مؤكدا أن «ما يجري من تطورات هو سلسلة مترابطة ومتكاملة، والقطاع المصرفي يعاني منذ العام 2019 كما جميع اللبنانيين، والازمة حتماً لها انعكاسات سلبية على الموظفين ودورنا كاتحاد هو التصدي لأي تدبير ينتقص من حقوقهم، ونحن مع استمرارية العمل في القطاع، انطلاقاً من همنا بالحفاظ على استمرارية عمل زملائنا. واذا كان لا بد من تخفيف عدد العاملين فلا بد من دفع تعويض عادل».
يشدد الحاج على أن «الصرف بحد ذاته هو خسارة للموظف مهما كان تعويضه، وخصوصا في ظل الظرف الذي نعيشه وانهيار سعر العملة. ومن تم صرفه في اول الازمة استطاع ان يصرف تعويضه على دولار 1500 ليرة، في حين ان الصرف اليوم مهما كان تعويضه، فهو خسارة كبيرة».
ويختم: «هناك جزء من الموظفين ترك العمل باتفاقات رضائية، ومنهم من قرر ترك العمل والذهاب الى مؤسسات خاصة اخرى، بسبب تدني قيمة الرواتب وأبرزهم موظفو المعلوماتية. ونحن نتابع الموضوع بكل جدية ولن نقبل بأن يكون الموظف كبش محرقة».