الأسبوع المُقبل هو «أسبوع الامتحان» لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، وكلّ الجهات الرقابية على القطاع المصرفي، ومعهم كل المصارف. فيوم غد، 28 شباط، تنتهي مُهلة تنفيذ التعاميم، وتنطلق الاجتماعات «المُكثّفة» لدراسة ملفات المصارف العاملة في لبنان، ومدى التزامها بتعميمَي «المركزي» 154 و44، وأبرز ما فيهما زيادة رأس مال كلّ مصرف بما نسبته 20% (يُسمح بأن تكون 10% منها عن طريق عقارات) وإعادة ضخّ الدولارات في حسابات المصارف اللبنانية لدى مصارف المراسلة في الخارج بما نسبته 3% من مجمل الودائع بالدولار، أي قرابة 3.4 مليارات دولار (للمصارف مُجتمعةً). بيان مصرف لبنان يوم الخميس، والكلام الذي يُنقل عن الحاكم، «يؤكّدان» مُضيّ «المركزي» في خطته لإعادة تفعيل القطاع المصرفي، وبالتالي «تنظيف» السوق من المصارف التي لم تتمكّن من توفير شروط «الاستمرارية». وينفع التذكير بأنّ سلامة كان قد خفّض سقف التزامات المصارف إلى الحدود الدنيا، ووجد لها حلولاً عديدة لتمكينها من العمل حتّى ولو كمصارف «زومبي»، ورغم ذلك بقي قسمٌ كبير منها عاجزاً عن تأمين هذا «القليل» المطلوب منها. والمصارف المُصنفة «ألفا»، أي تلك الكبرى في السوق، هي الأكثر تعثّراً. يدفع هذا المُعطى خبراء ماليين إلى السؤال عمّا إذا كان «سلامة سيبقى مُلتزماً وضع يده على المصارف المُخالفة، حتى ولو كانت أكثريتها من الفئة الأولى، أم أنّه سيجد مخرجاً بحجّة عدم تعريض القطاع لخضّة وضمان المودعين؟».
حتّى ساعات متأخرة من الليلة الماضية، كانت «شهية» المصارف لا تزال مفتوحة على «لَمّ» الدولارات من السوق، وتحويلها إلى الخارج. كالخفافيش، بثّت المصارف شيكاتها لدى الصرافين ومتمولين بالنقد لامتصاص ملايين الدولارات، وسط تمنّع كثيرين عن تلبيتها إلا بأسعار مرتفعة. وقد وصلت الأمور بمصارف أخرى إلى الموافقة على بيع شيكات بـ 27.5% من قيمتها من أجل الحصول على سيولة بالدولار.
المصارف الكبرى هي الأكثر تعثّراً لجهة عدم تأمين سيولة الـ 3%
بعضها كان قد اقترب، منتصف الليل، من «خط النهاية»، أي تأمين المبالغ اللازمة، في حين أنّ البعض الآخر باءت مُهمته بالفشل. على سبيل المثال، لم ينجح أحد المصارف «الوازنة» داخل جمعية المصارف وينتمي إلى الفئة «ألفا» من تكوين أكثر من 1.1% من أصل الـ 3% المطلوبة، مع الحديث عن عقده اجتماعاً لمجلس إدارته يوم الاثنين، يبحث فيه إمكان قيام «شريكه» من الجنسية السعودية بتجميد المبلغ المُتبقي، لدى حساب المصرف مع بنك المراسلة في الخارج.
يتوقع صرّافون وخبراء ماليون أن «ينخفض سعر الصرف قليلاً» (بمئات الليرات لا أكثر) في الأيام المقبلة، ولكنّ انتهاء مُهل مصرف لبنان لا يعني تخفيف الضغط عن السوق، لأنّ يوم الاثنين تُعيد معظم القطاعات التجارية فتح أبوابها، ما يعني تفعيل طلب هذه الفئة على الدولار.