تسعى المصارف الى جذب كبار مودعيها نحو الاستثمار بأسهمها عبر إغرائهم بالاسعار المتدنية التي بلغتها الاسهم المدرجة في البورصة، وذلك من اجل تأمين جزء من الاموال المطلوبة لزيادة رأسمال المصارف بنسبة 20 في المئة كما نصّ عليه تعميم مصرف لبنان الرقم 532.
بدأ بعض المصارف التفاوض مع كبار مودعيه لاستثمار جزء من رأسمالهم في أسهم المصارف، في محاولة لإقناعهم بأن يتحوّلوا الى مساهمين في رأسمال المصرف، بذريعة انّه الوقت المناسب اليوم للاستثمار بعد هبوط اسعار اسهم المصارف اللبنانية المتداولة بنسبة وصلت الى 80 في المئة، مما قد يُعتبر حافزاً أمام المودعين المكبّلين أساساً بضوابط رأس المال، من اجل حماية جزء من مدّخراتهم وتحويلها الى أسهم، على أمل ان يكون مستقبل تلك المصارف مشرقاً.
في السياق نفسه، تعرض المصارف أيضاً على المودعين الممتلكات المرهونة من قِبل المقترضين المتعثرين، والتي وضعت المصارف اليد عليها مقابل الديون الهالكة، وذلك بهدف خفض حجم الودائع المُصادرة.
في المقابل، تسعى المصارف من خلال تلك المحاولات الى «تجميل» ميزانياتها قدر الامكان عبر خفض حجم الودائع الدفترية، بالاضافة الى الهدف الرئيس المتمثل بتوفير المبالغ المطلوبة للالتزام بتعميم مصرف لبنان حول زيادة رأسمال المصارف بنسبة 20 في المئة مع نهاية الشهر الحالي، بعد تعثرها في تأمين الاموال المطلوبة من المساهمين الاساسيين، وبعد عدم استجابة مصرف لبنان لغاية الآن لأمنيات المصارف تمديد مهلة الالتزام بزيادة رأس المال المطلوبة.
علماً انّ تعميم مصرف لبنان كان واضحاً لجهة الطلب بزيادة رأس المال وفي الوقت نفسه عدم توزيع أرباح المساهمين هذا العام، ليضمن انّ الزيادة يجب ان تعتمد على اموال جديدة، وليس على الارباح السنوية. وبالتالي في حال نجحت المصارف بتحويل جزء من الودائع (حوالى 2 مليار دولار) الى أسهم قبل نهاية العام بهدف زيادة رأسمالها، لن تكون من خلال تلك العملية قد أدخلت أي أموال جديدة Fresh Money الى النظام النقدي ولن تسهم في حلّ ولو جزء بسيط من أزمة شحّ الدولار التي تعاني منها.
في هذا الاطار، رأى الخبير المصرفي جو سرّوع، انّ زيادة رأسمال المصارف لا يجب بالضرورة ان تعتمد على اموال متأتية من الخارج، بل انّ كلّ وديعة جديدة تقابلها تغطية حقيقية (real coverage) يمكن اعتبارها بمثابة Fresh Money، وبالتالي فانّ عملية تحويل أي وديعة الى أسهم هو اجراء قانوني يمكن اتّباعه لزيادة رأس المال من خلال اشراك طرف ثالث جديد وليس عبر ودائع المساهمين الرئيسيين.
لكنّ سرّوع اشار لـ«الجمهورية»، انّ اقناع المودعين بتحويل جزء من ودائعهم الى أسهم، ليست بالعملية السهلة اليوم في ظلّ الظروف الراهنة وتراجع الثقة بالقطاع المصرفي، مشككاً أن يوافق المساهمون بالمصارف على اصدار أسهم جديدة بالاسعار المتدنية التي بلغتها اسهم المصارف (listed shares) الاربعة المدرجة في البورصة.
كما اوضح سرّوع انّ تعميم مصرف لبنان لم يطلب من اصحاب المصارف جذب مساهمين جدد من اجل زيادة رأس المال، بل توجّه الى اعضاء مجلس الادارة للالتزام فقط بالزيادة المطلوبة، لافتاً في المقابل الى انّ البنك المركزي لا يمكنه وضع قيود على كيفية زيادة رأسمال المصارف، «ويمكن للاخيرة ان تستخدم الطريقة التي تراها مناسبة من اجل تحقيق هذا الهدف».
واعتبر انّ حجم الاموال المطلوب من اجل الالتزام بزيادة رأسمال المصارف بنسبة 20 في المئة، لن يتوزّع بكامله على المودعين، بل انّ النصيب الاكبر يقع على عاتق المساهمين، معتبراً انّ اشراك طرف ثالث في تلك العملية في ظلّ الوضع الشاذ للقطاع المصرفي اليوم، يجب ان يُنظّم بتعميم صادر عن مصرف لبنان، رغم انّ العملية، من الناحية التقنية، يمكن اتمامها ولا تحتاج الى اي قوننة فيما لو كان الوضع سليماً كالسابق.