يستعد الفريق الحكومي، الذي عمل على مسودّة قانون الفجوة الماليّة، لعرض مشروعه على طاولة مجلس الوزراء خلال الأسبوع الحالي، بعدما خضعت هذه المسودّة لمفاوضات طويلة مع كلّ من مصرف لبنان وفريق صندوق النقد الدولي. واستعداداً لهذا الاستحقاق، باشرت جمعيّة المصارف هجومها على المسودّة المطروحة، بكتاب مفتوح وجهته للرؤساء الثلاثة، وجرى ترويجه كإعلان عبر الصحف المحليّة صباح اليوم الإثنين.
مطالب المصارف
كتاب الجمعيّة جاء أشبه بمطالعة دفاع طويلة، تضمّنت إشارات إلى أنّ مشروع القانون يحمّل المصارف عبئًا غير مبرّر، ما يجعلها غير قابلة للاستمرار. ورأى بيان الجمعيّة أنّ المصارف لم تكن سبب الأزمة، بل مصرف لبنان الذي لم “ينشر بيانات مالية متوافقة مع المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS)، بل كان يقوم بإخفاء الخسائر، في ظل رقابة ليست فعالة، مما حال دون فهم البنوك التجارية والجمهور للوضع المالي الحقيقي لمصرف لبنان.”
في المقابل، رأى البيان أنّه من واجب الدولة القيام بتغطية الخسائر، بحسب فهم الجمعيّة لمضمون المادّة 113 من قانون النقد والتسليف، “لكي تتمكّن البنوك من إعادة الودائع للعملاء”. ورأى البيان أن نصوص القانون لا تلزم المصارف بتغطية أي خسائر من هذا النوع، مطالباً باستعمال احتياطات الذهب الموجودة في مصرف لبنان لتغطية خسائر الأزمة.
أسباب اعتراض المصارف
مصادر “المدن” أفادت بأنّ تحفظات جمعيّة المصارف، خلال المفاوضات السابقة، تناولت ثلاث نقاط أساسيّة:
أولاً، رفض التعمّق في التدقيق في الرساميل غير النظاميّة، أي الأرباح الناتجة عن الهندسات الماليّة، والتي يطالب قانون الفجوة الماليّة بمعالجتها.
ثانياً، رفض البدء بشطب رساميل أًصحاب المصارف، أي حصصهم ومساهماتهم في مؤسّساتهم، لتحمّل أوّل شريحة من الخسائر.
ثالثا، التحفّظ على عدم استعمال الذهب الموجود في مصرف لبنان بشكلٍ مباشر، لتغطية خسائر القطاع المصرفي.
ردود الفعل
العضو المؤسّس في رابطة المودعين رائد بوحمدان نشر بياناً رداً على الرسالة المفتوحة التي نشرتها الجمعيّة. ووجد بوحمدان أنّ البيان كشف نوايا الجمعيّة الخبيثة، “ببيان علني يطلب استخدام ثروة مملوكة من عشرات ملايين اللبنانيين (بما فيهم الأجيال القادمة) المسحوقين، خدمةً لحفنة/طغمة/قلة من مئات الأفراد من أصحاب المليارات الذين يرفضون حتى المشاركة بجزء من ثرواتهم لتصحيح خطايا هم من ارتكبوها وأزمة وطنية هم تسببوا بها.”
ورأى بوحمدان أنه لا سبيل للمضي قدماً إلا بعد تحمّل المصرفيين الخسائر “قبل أي مودع، وقبل أي مواطن سيدفع الضرائب لاحقاً للدولة، أي تصفير رساميل كافة المساهمين.” كما طالب حمدان بتدقيق جنائي “في حسابات كافة المصارف، والكشف عن التحويلات المشبوهة للسياسيين شركائهم والقرارات الإدارية التي أودت للانهيار والإفلاس.”
من جهة أخرى، رأى الاقتصادي وليد أبو سليمان أنّ إشارة الجمعيّة إلى عدم قدرتها على تحمّل الخسائر ليس دفاعاً عنها، بل إدانة مباشرة لنموذجها، إذ يعني أن رساميلها لم تكن كافية، وأن أرباح سنوات طويلة لم تستخدم لبناء صلابة مالية تحمي المودعين، بل لتوسيع التعرض والمخاطر. ورد أبو سليمان على الجمعيّة مشيراً إلى أنّه “لا يمكن حماية الودائع عبر تحميل الخسائر للناس أو للدولة، ولا عبر الاكتفاء بإشارات قانونية بلا آليات تنفيذ واضحة، لأن أي ضمان لا يترجم بأرقام وخطة تمويل وجدول زمني يبقى وعداً فارغاً”.



