في 21 حزيران أرسل مستشار جمعية المصارف، كارلوس عبادي، الذي لا يخفي إعجابه بالصهاينة وبكل ما يردّدونه على «تويتر»، كتاباً إلى مسؤول بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان، أرنستو راميريز ريغو، يطلب منه اعتماد خطّة المصارف القائمة على فكرة واحدة يمكن اختصارها بالآتي: أعطونا كل شيء وخذوا التضخّم. فالجمعية تريد الاستيلاء على أصول الدولة بكاملها من مؤسسات وشركات وأراضٍ وامتيازات واحتكارات وسواها، واستعمال الذهب والتضخّم في سبيل تذويب الخسائر. عملياً، يريدون أن يحصدوا كل شيء بثمن بخس مقابل تعميم الخسائر وتعميقها. لكن أصحاب المصارف يقفون في ظل عبادي وعباراته الساذجة عن الاقتصاد والقانون والدستور.
كتاب عبادي إلى راميريز ريغو، يتضمن مجموعة ملاحظات، من بينها ما يشير إلى أن خطّة النهوض للقطاع المالي التي على أساسها جرى التوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بين صندوق النقد الدولي وبين الحكومة اللبنانية، لا تستند إلى رؤية اقتصادية. وهو كلام صحيح، لكن سذاجته، أنه ببضعة أسطر يحدّد وجهة عن بلد الترفيه والاقتصاد الرقمي ذي التنافسية الدولية والقطاعات المنتجة في الزراعة والصناعة. ويحاجج عبادي بأن طريقة الحكومة وصندوق النقد الدولي لمعالجة الخسائر هي طريقة محاسبية، مشيراً إلى أن هذه الطريقة ستؤدي إلى أضرار واسعة النطاق في الجامعات والمستشفيات والمصانع والمهنيين والضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية، وكل أولئك الذين يعدّون من أكبر المودعين ما سينعكس على الإنتاج وتوزّع الثروة والنمو.
ما لا يذكره عبادي، هو الدور المركزي الذي لعبته المصارف في تكبيد هذه القطاعات كل هذه الخسائر. فهذه الخسائر حصلت يوم انهيار سعر الصرف وتوقف المصارف عن الدفع، وليس بفعل الخطّة، سواء كانت الخطّة جيدة أم عاطلة. فلو كانت هناك مسؤولية ما في هذه الدولة لأجبرت المصارف على حماية هذه الأموال التي تخصّ «المدخرات الاجتماعية» على حدّ تعبير الوزير السابق شربل نحاس.
ويعتقد عبادي أنه يتم التعامل مع القطاع المالي باعتباره مفلساً وقيد التصفية، إلا أن ذلك لا يشمل كل الحلقة المالية، أي من دون شمول ديون الحكومة. وأشار إلى أن المصارف تعارض «التركيبة الانتهازية الهجينة للمعايير المضمنة في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي»، إذ لا تهدف المصارف إلى «الاستيلاء على أصول الدولة»، فضلاً عن أن الاتفاق مخالفة للمادة 113 من قانون النقد والتسليف، والمادة 307 من قانون التجارة التي تتيح للمصارف الحصول على ودائعها من مصرف لبنان، فضلاً عن مخالفة المادة 15 من الدستور اللبناني التي تنصّ على أن «الملكية تحت حماية القانون ولا يمكن نزعها إلا لأغراض المصلحة العامة في الحالات التي ينص عليها القانون وفقط بعد تعويض عادل».
في المقابل يطلب عبادي، أن يتم التعامل مع الخسائر من خلال «شركة لبنان للاستثمار» التي ستتملك أصول الدولة «المستغلة وغير المستغلة، بما في ذلك الأراضي والمباني والتراخيص وحقوق الاستخدام من دون بيع أو رهن… وسيظل 100% من هذه الأسهم ملكاً للحكومة، وسيتم نقل 100% من أسهمها التفضيلية إلى مصرف لبنان. ويطالب أيضاً، باستخدام الذهب «لتقليل فجوة العملات الأجنبية في مصرف لبنان»، وإعادة تحويل الودائع التي حوّلت من ليرة إلى دولار في فترة ما بعد تشرين الأول 2019 «ما يعفي مصرف لبنان من 10 إلى 15 مليار دولار»، وتحويل 30 مليار دولار من التزامات مصرف لبنان، إلى الليرة بسعر صرف السوق لفترة تمتدّ على 10 سنوات.
باختصار، تقول المصارف أعطوني كل شيء من ماضيكم وحاضركم ومستقبلكم، وخذوا التضخم بكل ما فيه من فقر وتسوّل.