يرتفع منسوب تفاؤل شركات إنتاج المشروبات غير الكحولية العالمية بشأن جني مكاسب أكبر في السنوات المقبلة مع تنامي الطلب والاستهلاك في الأسواق العربية، وهو ما يدفعها إلى استغلال الفرصة لتوفير كميات أكبر وربما توسيع نشاطها بعلامات تجارية جديدة.
تسعى شركات إنتاج المشروبات غير الكحولية إلى استغلال فورة الطلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تتيح لها فرصا في منطقة بها بعض من أدنى معدلات استهلاك الكحول على مستوى العالم.
وتقول شركات، بما في ذلك كارلسبرغ وأنهايزر بوش وأي.بي إنبيف، إن الاهتمام يتزايد بمثل هذه المشروبات الخالية من الكحول في مختلف أنحاء المنطقة. كما يؤكد بعض المسؤولين التنفيذيين أن هناك تحولا أوسع نطاقا في أذواق المستهلكين.
وتحدثت رويترز إلى مستهلكين وأصحاب متاجر وأصحاب مقاه مصريين قالوا إنهم أو زبائنهم تحولوا مؤخرا إلى هذه المشروبات، وتخلصوا من العلامات التجارية للمشروبات الغازية الأميركية مثل بيبسي وكوكاكولا لأنهم يرون أنها تدعم إسرائيل.
ومن بين هؤلاء مهند عبدالعظيم (35 عاما) الذي لا يشرب الكحول، لكنه يستهلك ثلاث أو أربع علب يوميا من بيرة موسي وفيروز الخالية من الكحول.
ووفقا للرئيس التنفيذي لأي.بي إنبيف في أوروبا والشرق الأوسط جيسون وارنر، شهدت الشركة ارتفاعا في الطلب على المشروبات الخالية من الكحول بين السكان المحليين في بعض دول المنطقة، بما في ذلك السعودية. كما نمت المبيعات للسياح والمغتربين. وأطلقت الشركة البلجيكية علامة كورونا سيرو الرائدة الخالية من الكحول في السعودية في الربع الأول من العام الحالي.
وفي إعلانه عن الإطلاق المخطط له في سبتمبر 2023 قال برايان بيركنز، رئيس شركة إنبيف في أوروبا الغربية، إن هذا المشروب يقدم “آفاقا جديدة للنمو وبناء العلامة التجارية في أسواق التوسع”. وقال عبدالعظيم، الباحث في علم الوراثة، إنه اعتاد شرب 7 أو 8 علب من بيبسي أو كوكاكولا كل يوم، لكنه قلق بشأن آثارها الصحية.
ولكنه يرى أن المشروبات مثل موسي من كارلسبرغ الدنماركية مفيدة لصحة الجهاز الهضمي ومنع حصوات الكلى، مضيفا أن عائلته بأكملها تحولت الآن إلى استهلاك هذه المشروبات. وقال “بصراحة، نحن نحبها أكثر نظرا لفوائدها الصحية”.
ويتم تصنيع موسي عن طريق تجنب التخمير الكحولي، بدلا من إزالة الكحول بعد ذلك كما هو شائع في العديد من المشروبات غير الكحولية. وتشير كارلسبرغ إلى موسي على أنها بيرة غير كحولية، رغم تسويقها كمشروب شعير في مصر، حيث تم بيعها لمدة 30 عاما.
وبينما تعتقد الشركة أن الاهتمام المتزايد بالمشروبات دون كحول يمثل “فرصة” في المنطقة العربية، فمن غير المرجح أن تقدم أي مساهمة كبيرة في الإيرادات في أي وقت قريب.
وقال جاكوب أروب أندرسن الرئيس التنفيذي لكارلسبرغ لرويترز ضمن مقابلة في وقت سابق هذا العام “من الناحية الثقافية سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يشعر الناس بالراحة مع فكرة أنها بيرة”.
وأوضح أن فرق كارلسبرغ تعمل على تطوير الأسواق في المنطقة، لكن هذا مسعى طويل الأجل. وأكد مسؤولون تنفيذيون لرويترز أن إنبيف تركز على جذب شاربي البيرة الحاليين، الذين يقودون حاليا مبيعات خالية من الكحول على مستوى العالم.
وترى الشركة أن الطلب على المشروبات بلا كحول في الشرق الأوسط يتركز غالبا في أماكن مثل الفنادق والمطاعم الغربية. وقال وارنر إنه “في حين تميل الاتجاهات في المدن العالمية إلى الانتشار بمرور الوقت، فإن إنبيف ليست لديها خطط لمحاولة تعزيز الإقبال”.
ونمت الإيرادات الصافية لشركة هاينكن الهولندية بنسبة تزيد عن 40 في المئة بالسوق المصرية خلال النصف الأول من هذا العام، ويرجع ذلك جزئيا إلى مبيعات فيروز. ولا تفصل الشركة نتائجها حسب البلد ورفضت تقديم المزيد من التفاصيل.
وتظل المشروبات الخالية من الكحول جزءًا صغيرًا من إيرادات شركات التخمير، لكنها أصبحت محورية بشكل متزايد للإستراتيجية لأنها توفر النمو.
وحتى الآن كان الدافع وراء ذلك في الأغلب هو توسيع الفرص المتاحة أمام شاربي البيرة الحاليين لتناول العلامات التجارية للبيرة في أوقات معينة، مثل أثناء غداء العمل.
ومع ذلك تشير تعليقات المسؤولين التنفيذيين إلى إمكانية قيام المشروبات الخالية من الكحول بتجنيد زبائن جدد في دول ذات تعداد سكاني كبير لم تخترقها شركات البيرة حتى الآن.
وفي حين تعمل جميع شركات القطاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن مبيعاتها في العديد من البلدان تركز على سوق متخصصة من المسافرين والمغتربين، والتي تنمو مع زيادة السياحة. وعلى النقيض من ذلك، استهدفت علامات تجارية مثل موسي من كارلسبرغ وفيروز من هاينكن السكان المحليين.
وبدأت كارلسبرغ الإنتاج المحلي لموسي في مصر عام 2023، كما بنت مركزا للتوريد المحلي في مدينة جدة السعودية، حيث تقول إن موسي وعلامة تجارية أخرى من الشركة وهي هولستن تمتلكان أكثر من 50 في المئة من سوق البيرة الخالية من الكحول.
وطورت الشركة نكهات جديدة، بما في ذلك الليمون والنعناع، وهو مذاق شائع محليا. وقال ألكسندر هاوبيرغ جينسن، نائب رئيس شركة للشرق الأوسط وأفريقيا، “نحن في فترة محورية في الشرق الأوسط حيث تتغير التفضيلات والتطلعات المحلية بسرعة”.
وقال إن كارلسبرغ، التي تبيع المشروبات الغازية بالإضافة إلى البيرة، “تخطط لتوسيع محفظتها لتشمل المشروبات غير الكحولية الأخرى”.
وأشار مارسيل ماركونديس، كبير مسؤولي التسويق في إنبيف، إلى أن الشركة لا تبذل أي جهد محدد للنمو في أسواق الشرق الأوسط، والتي ليست أولوية.
وقال وارنر إن شركته “تريد ضمان توفر المنتج لتلبية الطلب وتزويد الشركاء بالأدوات اللازمة لتقديم مشروباتها بشكل جيد، مثل الأواني الزجاجية”.
وحتى الترويج غير المباشر للكحول محظور في دول الخليج، بما في ذلك الإمارات، ومن غير الواضح ما إذا كان الإعلان عن نسخة خالية من الكحول من علامة تجارية سيصنف على هذا النحو، كما ذكر ديفيد ييتس، الشريك ورئيس قسم البيانات الرقمية في شركة المحاماة التميمي وشركاؤه.
وأوضح لرويترز أن الشركات يجب أن تتشاور بعناية مع السلطات لفهم التسويق، إن وجد، وحتى في هذه الحالة تخاطر بإهانة المستهلكين المحافظين.