كانت ملفتة في الفترة الاخيرة، محاولات الهروب الى الامام، التي اشتركت فيها السلطة بالتخلّي عن مسؤوليتها وإشهار سيف «الهيركات» في وجه الودائع، وكذلك بالنسبة الى المعنيين بالشأن المالي. وفي هذا السياق، كان ملفتاً مضمون بيان «مصرف لبنان» وتوقيته، والذي يعرض فيه مبرّرات اعتماده بشكل جزئي «المعايير المتعلقة بعرض التقارير والإفصاح عنها» واستبعاده بعض المعايير والمعالجات المحاسبية في سياق تطبيقه لمعايير الإبلاغ المالي الدولية IFRS»، وكذلك كان مُلفتاً بيان «جمعية المصارف» الذي أصدرته عقب بيان المصرف المركزي، وجاء تحت عنوان «عن القرش الأبيض واليوم الأسود»، وأمّا مضمونه فحمل إشارة واضحة إلى مشكلة نَشأت بين مصرف لبنان وجمعية المصارف.
وفيما اعتبر مرجع سياسي انّ «بيانَي المصرف والمصارف هما بيانان سياسيان وليسا ماليين»، وقرأ فيهما «فَجاجة» لا نظير لها ولا سابق لها»، قالت مصادر مالية لـ»الجمهورية»: انّ هذين البيانين يشكلان رأس جبل جليد الخلاف المتكوّن بين الطرفين منذ انكشاف أزمة السيولة من خلال عجز المصارف عن تلبية طلبات سحب أصحاب الودائع، والإرباك الذي تسبّب بأزمة عدم ثقة حَدَت بالطرفين الى اتخاذ تدابير وإصدار تعاميم كانت تتغيّر وتختلف من يوم لآخر. واللافت هنا انّ جمعية المصارف تحاول التنَصّل من مسؤوليتها منفردة، عن تأمين الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، وفي ذلك رد على السلطة السياسية وعلى مصرف لبنان في آن معاً».
وإذ أشارت المصادر الى انّ «بيان «مصرف لبنان» يعكس انّ الإدارة المسؤولة فيه قررت، اعتباراً من 2007، في عداد حساباته وبياناته المالية السنوية والإبلاغ عنها، أن تعتمد معايير جديدة لم تكن تعتمدها من قبل، لا بل انها مَزجت فيها بين عدة مصادر»، قالت: مقابل إمكانية تغيير طرق تقييم المخاطر وأساليب عرض البيانات المالية التي تتيحها المعايير الدولية، هناك موجب يفرض بيان الأسباب والظروف التي تبرّر هذا التغيير، فضلاً عن بيان الأرقام والأرصدة التي كان يمكن أن تنتج عن تطبيق القواعد السابقة. وهنا لا بد من طرح سؤال لا يستطيع الإجابة عنه سوى الجهة التي كانت تطّلع على هذه البيانات والتقارير المعززة لها، والمفترض أن يكون وزير المالية، ومن يمكن أن يؤكد أو ينفي اليوم بعد مرور 13 سنة على هذه الوقائع، فهل بنى المركزي بيانه لهذه الناحية على قاعدة «أنّ الملك قد مات»؟!