المطاعم تصرخ: لا تُحمّلونا وزر الأزمة

منذ العام 2014 رفع مركز Knowlede to Policy التابع لكلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية مذكرة حول الحاجة الى نظام فعّال لضمان سلامة الغذاء في لبنان ولا سيما أن القوانين قديمة وبحاجة إلى تحديث وأشارت الدراسة الى أن هناك تسع جهات معنية بحوكمة سلامة الغذاء والأطعمة في لبنان، مع وجود الكثير من التقاطعات والازدواجية في مهامها ومسؤولياتها مع غياب المحاسبة والمسؤولية. في نظرة الى وضع لبنان اليوم يبدو بوضوح أنه يستوفي كل الشروط المؤاتية لانعدام السلامة الغذائية (رغم صدور قانون سلامة الغذاء في لبنان في العام 2015) وهو واقع بدأ يتجلى من خلال زيادة حالات التسمم التي تشهدها مناطق عدة وإن لم تظهر بعد الى العلن بشكل فاقع.

يؤكد مارون مدير أحد المطاعم في منطقة بدارو لـ”نداء الوطن” أن حالات التسمم التي تحدث نتيجة تناول الطعام خارج البيت أكثر من أن تحصى ولكن يتم التكتم على معظمها منعاً لنسف الموسم السياحي. وازدياد هذه الحالات ليس بالأمر المستغرب نتيجة سببين رئيسيين: الأول هو الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي الذي اثر على التبريد وسرّع عملية فساد المواد الغذائية، اما الثاني فهو اللجوء الى مواد اولية منخفضة السعر والجودة للحفاظ على اسعار مقبولة، فلو أرادت المطاعم المثابرة على النوعية السابقة لكان عليها ضرب الفاتورة أقله بأربعة اضعاف…

توجهنا الى د. رولان واكيم الإختصاصي بالطب الداخلي لنسأله متى تصبح الأطعمة فاسدة وتسبب تسمماً؟

يؤكد د واكيم ان اللحوم على أنواعها هي أكثر مسببات التسمم الغذائي وذلك ليس فقط لاحتوائها على بكتيريا يمكن ان تموت اذا ما طهيت اللحمة جيداً، بل لانها تفرز متى فسدت سموماً لا يفيد الطهي في القضاء عليها. وأخطر ما في الامر أن هذه السموم لا تنفع معها الأدوية المطهرة للمعدة والامعاء لأن هذه الاخيرة تعالج الالتهابات البكتيرية لا السموم.

نسأل الطبيب المختص اذا كانت اللحوم فقط هي التي تتسبب بتسمم غذائي فيجيبنا بان كل ما هو مواد حية مثل الحليب، البيض او الكريما يعتبر بيئة مناسبة لنمو البكتيريا ولا سيما حين ترتفع حرارته ويصبح مرتعاً للبكتيريا والسموم. ويضاف الى عاملي الكهرباء والماء عامل ثالث هو النظافة الشخصية حيث يتغاضى العاملون في المطابخ عن غسل ايديهم بالماء والصابون بشكل دائم ما يساهم في نقل ملوثات عدة الى اطعمة قد تتسبب بتسمم غذائي.

نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري رفعت الصوت وأطلقت صرخة بأن القطاع مهدد بالإقفال إن استمر وضع الكهرباء والمازوت على ما هو عليه. ويقول نائب النقيب السيد خالد نزهة “سمعنا بالامس عن حالات تسمم ونحن غير مستعدين مطلقاً وضع صحة المواطن في خطر بسبب ما نعانيه من نقص في الكهرباء والمازوت. لا مجال للعب بصحة المواطن او المساومة على الجودة والنوعية و لكن لسنا وحدنا من يتحمل المسؤولية. أين وزارة الاقتصاد واجهزة الرقابة المعنية؟ أين البلديات؟ من يؤمن لنا المازوت؟ لا يمكن ترك قطاع منتج هو أكبر قطاع مستثمر في لبنان يشغل الناس ويدفع الضرائب يعاني من جديد في عز الموسم الذي عقد الآمال عليه”.

لكن رغم كل إجراءات النقابة تبقى هناك مطاعم خارجة عن القانون في مناطق شعبية او محمية لا تخضع لسلطة النقابة او توجيهاتها وسناكات شعبية سريعة يمكن ان تضحي بالنوعية من أجل استمراريتها. لا كهرباء، لا مكيفات، لا تهوئة لا ماكنات لفلترة المياه… وتطول لائحة اللاءات التي تعاني منها المطاعم لكن ثمة لا وحيدة مضيئة تصر عليها النقابة: لا للتراجع عن الجودة ومن ليس قادراً على الالتزام بمعاييرها فليقفل مؤسسته…

مصدرنداء الوطن - زيزي إسطفان
المادة السابقةحبّ الله: لـ«ضرب» المُحتكرين… وتأمين المازوت للصناعيّين
المقالة القادمةالمديرية العامة للنفط: المخزون المخصص للسوق المحلي نفذ بالكامل بعدما سلمنا 14 مليون ليتر قبل الأعياد