تنطبق مقولة “المال والبَنون” على واقع المودعين في لبنان اليوم، فهم يقلقون على ودائعهم المحتجزة في المصارف، وتسعى قلّةٌ منهم إلى اقتحامها، ولكن بالمحصّلة، فإن شعار حماية الودائع لم يعد مقنعاً، في ضوء المسار الثابت المعتمد لشطبها ضمن الخطط والإجراءات المتداولة في إطار ما بات يٌعرف بخطة الإنقاذ، وهي “فيزا” العبور إلى الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ومع حلول أوان الحسم في هذا المجال، يكشف الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للوصول الى برنامج تمويل لخطة إنقاذ، قد وصلت إلى نقطة بالغة الحساسية، موضحاً أن المطالب السابقة التي طلبها صندوق النقد، كانت كلها “مطالب تدور حول لبّ المشكلة، ولكن ليس المشكلة بحدّ ذاتها، واليوم، وصلنا إلى لبّ المشكلة وهو مصير أموال المودعين وكيفية تعاطي خطة التعافي مع موضوع الودائع، وهو الملف الحسّاس والأكثر دقة والأهم في كل الملفات المطروحة مع صندوق النقد”.
ويقول الكاتب فرح ل”ليبانون ديبايت”، إن ما هو مطروح اليوم هو “كيف ستتصرف الدولة حيال الفجوة المالية الموجودة في مصرفها المركزي، لأن الدولة هي المسؤولة إلى حدٍّ ما عن المصرف المركزي، فالدولة ومصرفها، طرفٌ واحد، وإن كان مصرف لبنان يتمتع باستقلالية ذاتية، وبالتالي، على الدولة أن تقرّر كيف ستتعاطى مع الخسائر ومع الفجوة المالية التي تسبّبت بها، من خلال سياسات الحكومات المتعاقبة لسدّ العجز في الموازنات على مدى 20 سنة، ومن خلال تثبيت سعر الصرف على سعرٍ إصطناعي، ما أدى إلى تراكم الخسائر وإلى الواقع الحالي”.
ويكشف فرح، أن ما هو مطروح اليوم هو غير مقبول، لأنه يعني شطب الودائع، معتبراً أن هذا الأمر بالطبع غير وارد، لأن ما من نائب يتجرّأ على إقرار خطة فيها هذا النوع من الشطب للودائع.
ويؤكد بالتالي، أن” الخطة لن تمرّ ولن يكون اتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
ورداً على سؤال حول البديل عن التفاهم مع صندوق، يرى فرح، أن البديل الوحيد هو “بالتعاطي المسؤول من قبل الدولة مع الأزمة وأن تقبل الدولة ، وكما كانت هي المسؤولة عن الإنهيار، بأن تكون شريكةً في الإنقاذ”.
ويشدّد فرح على أن “هذا هو الحل الوحيد من أجل إعادة الودائع إلى المودعين، أو على الأقلّ وبأضعف الإيمان، العمل على إعادة القسم الأكبر منها مع الإقتطاعات المقبولة، وذلك كي يكون القطاع المصرفي والمودعون والمناخ العام في البلد مقبولاً لكي تعود الثقة، ولكي تتمكن الحكومة من إنعاش البلد عبر تنفيذ خطة إنقاذية تُخرجه من الأزمة “.
وعن الفترة الزمنية التي سيتطلّبها هذا الحلّ، يقول فرح، إنه من المعلوم، وفي حال بدأت الحكومة اليوم بتنفيذ الخطة الإنقاذية، فإن مثل هذا المشروع يتطلّب سنوات عدة للوصول إلى الهدف الرئيسي.