حق العمالة للجميع يقابله اقتصاد منهار، عاجز عن توليد فرص العمل للبنانيين وحماية أبسط مكتسباتهم وحقهم بالعيش الكريم. ففي الوقت الذي يناضل فيه مئات آلاف العمال والمستخدمين اللبنانيين لرفع أجورهم وتحسين تقديماتهم الاجتماعية والعائلية، فتح وزير العمل المهن التي كانت محصورة سابقاً باللبنانيين أمام العمالة الفلسطينية وكل مسجل من أم لبنانية ومكتومي القيد. الأمر الذي سيفقد العمال بحسب الخبراء “القدرة على التفاوض مع أرباب العمل، نظراً لتوفر بديل أقل كلفة، ومتحمس لمزاولة أشغال لطالما كان ممنوعاً عنها في السابق. وعليه لا يبقى أمام اللبنانيين من حل إلا الهجرة”.
هذا الواقع الذي قد يتطور سريعاً إلى “استبدال ديموغرافي للعمالة اللبنانية”، بحسب بعض الآراء يواجه معضلة أخرى لا تقل أهمية تتعلق بالمستوى العلمي والتقني للعمالة الجديدة التي ستدخل سوق العمل، ومقدار القيمة التي ستضيفها على الاقتصاد. فصحيح أنها ستكون بحسب التوقعات أرخص من العمالة اللبنانية، وقد توفر على أرباب العمل مبالغ كبيرة في الأجور والتقديمات المصاحبة للراتب، إلا أنها من جهة أخرى قد لا تكون على قدر التحديات المستقبلية لتطوير ونهضة الاقتصاد. الأهم من هذا كله، فان هذه العمالة ستستغل وستفقد شرطاً أساسياً من شروط حق العمل، ألا وهو أن “يؤمن العيش اللائق”. ففي اقتصاد منهار، بناتج قومي يتقهقر، ودخل فردي تراجع من حدود 11 ألف دولار إلى أقل من 3000 دولار، ويهبط بشكل حر مع كل انهيار في سعر الصرف، لا أحد يعيش بكرامة، سواء كان لبنانياً أم أجنبياً.
إعطاء الحق بالعمل للفلسطينيين تحديداً، يتطلب بحسب الخبراء إعطاءهم إجازات عمل تراعي واقع كل مهنة كما اقتُرِح في السابق. وقتها رفض القرار وتحديداً من بعض المنظمات الفلسطينية بحجة عدم عدالته، في حين أن السبب الحقيقي كان رفعه الكلفة على أرباب العمل ولا سيما ان أغلبية الفلسطينيين يعملون عند أرباب عمل غير لبنانيين. وبالتالي صب الطرح في مصلحة أرباب العمل اللبنانيين وغير اللبنانيين لانه كان يرتب عليهم تقديم كل الضمانات العائلية والاجتماعية التي تستتبعها اجازة العمل. مع العلم أن القرار وقتها كان منطقياً ومنصفاً للعمالتين اللبنانية والاجنبية من ضمنها الفلسطينية.