المغتربون نجحوا في تجميد صعود الدولار وأنعشوا القطاعات الاقتصادية

علق لبنان الامال على مجيء المغتربين اللبنانيين هذا الصيف لمساعدته على تخطي ازمته الاقتصادية والاجتماعية، وقد كان هذا الاغتراب عند حسن ظن اللبنانيين المقيمين من خلال اولا عودتهم بكثافة هذا الصيف وثانيا بإنفاقه الفريش دولار في الاسواق مما انعش مختلف القطاعات الاقتصادية وخصوصا السياحية منها ويقال ان ثبات سعر صرف الدولار خلال اربعة الاشهر الماضية كان سببه هذا الانفاق الذي اعطى نفحة من الاوكسجين من اجل الاستمرارية والبقاء حتى ان وزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال اكد ان الانفاق سيصل الى ١٠مليارات دولار .

وفي هذا المجال يقول عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي القنصل محمد الجوزو:

“تبقى الأرقام في لبنان وجهة نظر وهي ليست مؤشرات ثابته كما يوجد تشكيك دائم في الأرقام المتداولة بشأن حجم الإقتصاد خاصة بعد تحوله إلى اقتصاد نقدي، لكن يبقى مؤشر سعر الصرف رغم تدخل المصرف المركزي فيه مؤشر اساسي لحركة العملة الأجنبية في لبنان واذا واكبنا كيفية انهيار سعر الليرة اللبنانية بشكل غريب وصعود سعر الدولار بشكل تصاعدي وواضح نعلم يقينا أنه حدث استقرار لسعر الليرة خلال الصيف مقابل تراجع سعر الدولار مما يؤكد حدوث انفاق كبير من قبل المغتربين والدليل على هذا حركة الوافدين الناشطة إلى لبنان وقد كان لها تأثيرها الإيجابي في تأخير الانهيار رغم اننا اليوم على طريق الانهيار إذ ان موسم الصيف هو لمدة ثلاثة أشهر في السنة . لقد دهش المغتربون في العام الماضي من رخص الأسعار في لبنان لكن صرختهم علت هذا الصيف إذ امتعضوا من غلاء المعيشة في كل شيء وهذا سيؤثر في أداء المغتربين في السنوات المقبلة فالغلاء كان واضحا على صعيد كل الخدمات لذا على الدولة الا تغيب عن مراقبة الأسعار خصوصا اذا بقي الوضع على ما هو عليه من ترد في الأوضاع الاقتصادية وانهيار معيشي مما سيؤثر في الأمن ولن ننعم بالتالي به كما حاليا . ان السياحة مرتبطة بالبنيه التحتية الجيدة لكنها عندنا منهارة واللبناني يتحمل هذا التردي فيها لكن السائح الأجنبي او العربي لن يتحملها ويبحث عن بنية تحتية أخرى تستوعبه وهو يبحث أيضا عن الأمن والاستقرار السياسي ألذي يؤثر في العناصر الباقية الأخرى. لذا اذا اكمل لبنان على مسيرته في الانحدار فأنا لا اعتقد أننا سنستبشر بموسم سياحي مقبل على حجم التوقعات المتفائلة خصوصا اذا استمر الفراغ الرئاسي فالمفروض إيجاد الحلول. لعل الأمر الغريب الذي نراه في لبنان هو كيفية عيش جزء من اللبنانيين والزحمة في المطاعم التي نراها عامرة بينما نهارا نمر في مناطق تشكل حزاما فقيرا يشبه قندهار مثلا وفي الليل نشعر أننا في لاس فيغاس . أن هذا المشهد غير سليم ومحزن لكن يؤكد تشبث اللبناني بالعيش بينما لو تعرض اي شعب آخر لما تعرض له اللبناني لتحول إلى شعب ميت وهذا يؤكد لنا أنه لو حدث إصلاح في البلد وتغير الواقع السياسي والاقتصادي فنضع يدنا على ثرواتنا الهائلة في البحر والبر مع جملة إصلاحات على الحدود فلا يمكننا تخيل حجم التطور الذي سيعرفه لبنان وسينافس أكبر الدول في المنطقه على صعيد الاستثمار الاقتصادي. ”

كم تقدرون حجم الإنفاق الاغترابي في لبنان ؟

“لقد قال البعض انه بحدود ١٠مليار دولار يضاف إليها تحاويل المغتربين من الخارج . في العادة ينفق المغترب أكثر من السائح لأن السائح يستعمل الفندق والمواصلات المتاحة بينما ينعش المغترب محيطه والكل يعلم أن اللبناني صمد نتيجة التحاويل المالية من الخارج . أن معدل الإنفاق للمغترب اللبناني يفوق اي معدل أنفاق لأي سائح في اي بلد بالعالم .

*برأيكم هل نحن مستمرون في الانهيار ؟

في العادة مع اقتراب موسم العودة إلى المدارس تبرز جملة من الالتزامات مما سيخلق حالة صعبة سيعيشها المواطن في ظل الأوضاع المتردية خصوصا ان المدارس قد رفعت اقساطها مما جعلنا نشهد الكثير من حالات التسرب المدرسي وتحول العديد من التلامذة من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية وهذه غير قادرة على استيعاب المزيد خصوصا ان كل المعطيات المحيطة بقطاع التعليم أصبحت مهترئة وأصبح لدينا خوف على الأجيال القادمة وكيفية عيشها إذ كيف ستعيش في ظل حالة اقتصادية صعبة جدا لا سيما أن الكهرباء في الوزارات وسواها غير قادرة على الاستمرار. ان الطالب اليوم لا يتمتع بأبسط الأشياء والحقوق التي يجب توافرها. كما يوجد عبء كبير على الصحة وبات الإنسان في لبنان يواجه واقعا مؤلما.”

*ما رأيكم في اقبال المغتربين مؤخرا على الاستثمار في القطاع العقاري؟

“لقد اعتبر المغترب بعد الأزمة المصرفيه أنه يحصل بعض الخسائر التي مني بها ونتيجة لذلك ارتفع سعر العقار لكن هذا لا يعتبر مؤشرا واضحا عن النمو في الاقتصاد لكنه يبقى مؤشرا جيدا فالعقار خسر خلال الأزمة كثيرا حتى ان بعض التجار باعوا عقارات بأقل من كلفتها لضمان استمراريتهم . لقد استعاد سوق العقار بعض حيويته مؤخرا ونأمل أنه مع التغيرات المرجوة أن يعود العقار الى الانتعاش كما يجب.”

*ما رأيكم في مشروع قانون الكابيتال كونترول لا سيما البند الذي يتعلق باستعمال الليرة اللبنانية في التحاويل والايداعات؟

“هذا الأمر يفتح طرقات للولوج إليها عبر المسافرين . ان الدولة لم تعد تملك الكتلة النقدية والأموال تذهب مباشرة إلى البيوت واذا طبق هذا البند فهو سيساعد أكثر في ذهاب الأموال خارج الدولة اي أن الدولة ستخسر هذه الأموال لذا من المفروض إعادة النظر بهذا البند.”

*هل برأيكم أن عودة السياحة الخليجية مرتبطة بتوافر الأمن والأمان؟

“ان اي سائح يطلب الأمن والأمان وهذا تحصيل حاصل وهو أحد عناصر الاستقطاب السياحي. على لبنان الا يشكل خطرا على محيطه وان يتبع سياسة الحياد خصوصا مع الأشقاء العرب لكيلا يكون ذلك سببا في القطيعة معه. لقد ساهمت السياحة الخليجية دائما في انعاش الاقتصاد لذا نتطلع إلى إعادة بناء علاقات أخوية متقدمة مع دول الخليج والدول العربية كما نتمنى على دول الخليج بعد تعزيز الوضع الأمني إعادة النظر بقطيعتها للبنان والسماح لرعاياها بالسفر اليه.”

 

مصدرالديار - حوزف فرح
المادة السابقةأبو حيدر: غياب الثقة يحول دون جذب الاستثمارات الخارجية
المقالة القادمةأسعار الإنترنت في لبنان تخطّت المعقول والفواتير نحو 3 أضعاف!