بدأ العد العكسي لتوحيد سعر صرف الدولار بعد أربعة أعوام من الأسعار المتعدّدة، ووسط واقع من الإنهيار المالي هو الأسوأ في تاريخ لبنان، وقد دقّت ساعة هذا التحوّل من منصة “صيرفة” المتوقفة منذ أسابيع، إلى منصة جديدة بالتعاون مع وكالة “بلومبيرغ”، ومن دون أن يتمّ استخدام دولارات الإحتياطي الإلزامي أو ودائع المواطنين، والتخفيف بالتالي من كل احتمالات تحقيق الأرباح لفئات دون أخرى، والبدء بتقليص واقع الـcash economy وتفادي أية شبهات بحصول عمليات تبييض أموال في الأسواق اللبنانية، خصوصاً وأن عمليات شراء الدولار للإستيراد سوف تتمّ على المنصة الإلكترونية الجديدة.
وفي هذا الإطار، فإن مباشرة الإعداد للمنصة الإلكترونية الجديدة، تأتي في إطار عملية سياسية ـ مالية، تنطلق من عدة اعتبارات تتّصل بتفادي تصنيف لبنان على لائحة الدول الرمادية، ومعالجة مسألة الإقتصاد النقدي قبل انتهاء المهلة الممنوحة للبنان قبل إعادة التصنيف، ووفق المحلِّل والباحث الإقتصادي أنطوان فرح، فمن الواضح أن هناك “كلمة سر” خارجية وعلى الأرجح أميركية، تقضي بوجوب أن يعالج لبنان مسألة الإقتصاد النقدي.
ويكشف فرح لـ “ليبانون ديبايت”، عن تركيز خارجي وداخلي حول هذه النقطة، كما يلاحظ أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يركِّز، أمام زواره وفي تصاريحه وفي مجالسه، على مسألة الإقتصاد النقدي، معلناً أن “لبنان لا يستطيع الإستمرار بواقع الإقتصاد النقدي، وبأن الخارج لن يبقى ساكتاً”، بمعنى اعتبار لبنان بيئةً خصبة لتبييض الأموال”.
كذلك، يلفت المحلِّل فرح، إلى أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، يركِّز على هذه النقطة في كل تصريح يدلي به، يتطرّق إلى مسألة ضرورة معالجة مسألة الإقتصاد النقدي، حتى ولو كان يتحدث عن قضايا متنوعة أخرى، إلاّ أنه يشدِّد على أهمية اتخاذ الإجراءات الضرورية لتغيير هذا الواقع.
ووفق فرح، فقد بات واضحاً أن هناك طلباً أميركياً بمعالجة واقع الإقتصاد النقدي، مشيراً إلى أن المعالجة انطلقت مع المنصة الجديدة، ولذلك حصل تسريع وتحفيز لإيجاد منصة بديلة لمنصة “صيرفة” وتكون مُراقبة إلى حدٍ ما، وتعمل على تشجيع التداول عبر المصارف، وتحدّ من التعامل بـ “الكاش”، ذلك أن الصيارفة، وخصوصاً الصغار والموجودين الذين يستفيدون اليوم ولهم حصة في السوق، قد لا يستطيعون التداول عبر المنصة أو عبر منصة بلومبيرغ ، على سبيل المثال، ولذلك، فإن التداول سيكون حكماً وفقط عبر المصارف وعندها سيتقلّص الإقتصاد النقدي.
ويؤكد فرح، أن “هذا ما تريده واشنطن، وهذا ما يحاول ميقاتي بالتعاون ومنصوري الوصول إليه بأسرع وقت، لأن الحركة المالية ستكون تحت المراقبة”.
إلاّ أن الأبرز بعد بدء العمل بالمنصّة الجديدة وكما يؤكد فرح، سيكون توحيد سعر الصرف، وإلغاء أسعار الصرف المتنوعة، ومنها سعر الـ 15 ألف ليرة الرسمي للدولار، وأيضاً “اللولار” والذي يسحب على أساسه المودعون من دولاراتهم الموجودة في المصارف سابقاً، والتي يأخذونها وفق 15 ألف ليرة، مشدداً على وجوب ترقّب الحل الذي سيتمّ التوصل إليه في هذا المجال، ولو بعد أشهر، إذ لا يجوز أن يكون سعر الصرف موحداً على المنصة الجديدة، وأن يكون هناك سعر صرف مختلف بالنسبة لدولارات المواطنين في المصارف.