المنطقة العربية ملاذات استثمارية واعدة للشركات العالمية

كشفت الأزمات الاقتصادية المتعددة التي تمر بها المنطقة العربية عن مجموعة من العوامل الاستثمارية التنافسية، الأمر الذي دفع بعض الشركات العالمية إلى شد رحال رؤوس أموالها إلى دول في المنطقة، بحثا عن مقاصد تعزز نمو استثماراتها وتعظم العوائد الاقتصادية التي تأثرت سلبا بالمشكلات المتتالية.

تراهن بعض الشركات العالمية على المنطقة العربية في إنعاش معدلات نمو استثماراتها ورؤوس أموالها، حيث بدأت في ضخ حزم مالية في مشروعات جديدة في عدد من دول المنطقة، باعتبارها من أسرع الأماكن نموا حاليا.

وقالت المنظمة العربية لضمان الاستثمار، إن المنطقة العربية لا تزال تواصل تقدمها بقوة في مجال إصلاح بيئة الأعمال، على الرغم من الفوارق الإقليمية الرئيسية، ومع استمرار تسليط الضوء على دول مجلس التعاون الخليجي كبيئة تتفوق في الأداء العام، من حيث لوائح الاستثمار وقواعد التأشيرات، وتبرز الإمارات والسعودية في المقدمة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية.

وأعلنت شركة “آر.أم.بي” عن ضخ استثمارات بقيمة 300 مليون دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ورصدت مؤسسة “كنولدج” 35 مليون دولار للاستثمار في قطاعات الصحة والزراعة وإعادة تدوير المخلفات، إضافة إلى ربط الاستثمار التقليدي بالتكنولوجيا.

وقالت شركة “بلس في.سي” إنها تستهدف استثمار 60 مليون دولار في 120 شركة ناشئة وسط الطفرة التي يشهدها اللجوء إلى الحلول التكنولوجية، وتنطلق الشركة إلى دول المنطقة عبر مكاتبها في السعودية والبحرين والإمارات ومصر.

وتصدرت المنطقة سوق الصفقات والاستحواذات خلال الفترة الماضية، وهو مؤشر على جاذبيتها الاستثمارية من جانب الشركات العالمية، وشهدت صفقات ضخمة، منها استحواذ شركة أوبر الأميركية على كريم الإماراتية بنحو 3 مليارات دولار.

أكدت منصة البيانات الإقليمية “ماجنيت” أنه تم استثمار أكثر من 659 مليون دولار في الشركات الناشئة في المنطقة خلال النصف الأول من العام الحالي. وتعادل هذه القيمة نسبة نحو 95 في المئة من إجمالي الاستثمارات في الشركات الناشئة في العام السابق، رغم تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية.

وأوضح سيد عويضي، خبير إدارة الاستثمار، أن أزمة كورونا كشفت المكامن الواعدة للاستثمار في المنطقة العربية وقدمتها فرصة أمام الشركات العالمية لتوسيع نطاق أعمالها، بعد تأثر الأسواق الأميركية والأوروبية والآسيوية بتداعيات الوباء.

وأضاف لـ”العرب” أن الاستثمارات الأجنبية لمست تيسيرات وتسهيلات من جانب الحكومات العربية، من جهة منح الأراضي وإنهاء التراخيص وإجراءات الاستثمار.

وعززت من فرص الاستثمار حاجة المنطقة بشكل كبير إلى الاستثمارات المتنوعة في قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا المالية، لاسيما القطاعات المتعلقة بالمدفوعات الإلكترونية، بجانب الاستثمار الزراعي والتصنيع الغذائي، والصحة.

وأطلقت شركة غوغل برنامج “انطلق بقوة مع غوغل” لتحفيز الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر التحوّل الرقمي، لدعم الأنشطة التجارية والباحثين عن وظائف، ويستهدف البرنامج شمول أكثر من مليون شخص ونشاط تجاري بحلول نهاية عام 2021.

وكشف تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية عن ارتفاع عدد الشركات التي قامت بضخ استثمارات أجنبية في الدول العربية خلال العام الماضي لنحو 815 شركة، مقارنة بنحو 705 شركات في عام 2018.

وحل قطاع العقارات في المقدمة، واستطاع أن يجذب استثمارات أجنبية للدول العربية بنحو 9 مليارات دولار، عبر 44 مشروعا، وانحصرت الفورة العقارية وفقا للتقرير في ثلاثة دول، هي: مصر بنحو 7.1 مليار دولار، والسعودية بقيمة 1.3 مليار دولار، والإمارات باستثمارات سجلت 600 مليون دولار.

وشهد قطاع المكونات الإلكترونية نموا كبيرا بنحو 121.4 في المئة في عدد المشروعات، بعد أن سجلت التكلفة الاستثمارية لمشروعات القطاع ارتفاعا قياسيا بنحو 971.4 في المئة عند مستوى 1.7 مليار دولار.

وأشار رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إلى أن الموقع الاستراتيجي لدول المنطقة يجعلها تحت مجهر الشركات العالمية الباحثة عن مقاصد استثمارية قوية.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن الإنتاج والاستثمار في المنطقة العربية، يتميزان بسرعة وسهولة عمليات التسويق والترويج للمنتجات عبر دول المنطقة، ويتميزان بخطوط نقل متشابكة، أو التصدير لمقاصد تكتلات دولية دون عوائق جمركية.

وتجعل هذه المحفزات المنطقة العربية في قلب حركة التصنيع والتجارة العالمية، إلى جانب الفورة الاستهلاكية لغالبية دولها، حيث سجل عدد المشروعات الصناعية بالمنطقة العربية نحو 1029 مشروعا باستثمارات بلغت نحو 60.2 مليار دولار.

وقنصت الإمارات المركز الأول في عدد المشروعات بنحو 445 مشروعا، وجاءت مصر في المركز الثاني بنحو 140 مشروعا، وحلت السعودية ثالثا بنحو 134 مشروعا، ثم المغرب 111 مشروعا.

وتصدرت الاستثمارات الأميركية المركز الأول في قطاع الصناعات التحويلية بالمنطقة واستحوذت وحدها على نحو ثلاثة مليارات دولار، فيما جذبت السعودية وحدها بنحو 7.7 مليار دولار من استثمارات الصناعات التحويلية بالمنطقة.

وتصدرت مصر المركز الأول من حيث قيمة الاستثمارات، حيث استقبلت 13.7 مليار دولار، وتلتها الإمارات بـ13.5 مليار دولار ثم السعودية بـ12.5 مليار دولار.

وتستعد شركة مرسيدس لاستئناف نشاط تجميع السيارات في مصر خلال الفترة المقبلة بعد توقف خمس سنوات، وسوف تبدأ في تجميع سيارات الركوب بالمشاركة مع الشركة المصرية الألمانية للسيارات، التي عملت خلال الأشهر الماضية على اعتماد خطوط إنتاجها للاستفادة من الحوافز الجمركية التي طبقتها القاهرة لتشجيع التصنيع المحلي.

ويؤكد هذا الاتجاه أن الشركات العالمية تترقب عمليات تحسين مناخ الاستثمار التي يجري تحديثها، وتترصد دائما قنص فرص الاستثمار بمختلف دول المنطقة، بعد أن كشفت الأزمات العالمية المتعاقبة أن المنطقة العربية تتصدر مقاصد الاستثمارات الباحثة عن ملاذات لتعظيم عوائد الربح ومعدلات النمو.

وتتعزز تلك الخطوات بعزم شركة “نستلة” ضخ استثمارات جديدة في مصر بنحو 32.8 مليون دولار، لزيادة خطوط إنتاج الشركة لمواكبة السوق المحلية، وفتح آفاق تصديرية لأسواق المنطقة.

مصدرالعرب اللندنية - محمد حماد
المادة السابقةوكالة الأدوية الأوروبية: 3 لقاحات لـ”كورونا” ستكون متاحة في ربيع 2021
المقالة القادمةمركبات الهيدروجين تثير نهم المصممين