المنظمون العالميون يدخلون معركة تفكيك عمالقة التكنولوجيا

تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى أكبر تحد لها منذ عقود حيث يقوم منظمو مكافحة الاحتكار على ضفتي المحيط الأطلسي باتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسات المزعومة المناهضة للمنافسة.

ويرى خبراء القطاع أن تشديد القيود على عمالقة التكنولوجيا يمكن أن يؤدي إلى أوامر تفكيك لشركات مثل أبل وألفابت مالكة غوغل، والتي ستكون سابقة من نوعها في هذه الصناعة.

وهذا بدوره يمكن أن يلهم هيئات الرقابة في جميع أنحاء العالم للمضي قدما، كما يتضح من العدد المتزايد من تحقيقات مكافحة الاحتكار في مختلف البلدان بعد افتتاح قضايا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وبينما أكدت غوغل أنها لا تتفق مع اتهامات الاتحاد الأوروبي، قالت أبل إن الدعوى القضائية الأميركية خاطئة في ما يتعلق بـ”الحقائق والقانون”.

ومنذ أن تم تفكيك أي.تي آند تي الأميركية، التي كانت أكبر مزود للاتصالات في العالم، قبل 40 عاما بالضبط، لم تواجه أي شركة إمكانية حدوث تفكك بقيادة الجهة التنظيمية في الولايات المتحدة حتى الآن.

وفي عام 1984، تم تقسيم أي.تي آند تي، المعروفة أيضا باسم “ما بيل”، إلى سبع شركات مستقلة تسمى “بيبي بيلز” لفتح واحدة من أقوى الاحتكارات في القرن العشرين.

وتعتبر أي.تي آند تي ومنافستاها المحليتان فيرزون للاتصالات التي تأسست في 1983 ولوميز تكنولوجيز التي تأسست في عام 1968 الكيانات الوحيدة الباقية حاليا بعد تفكيك أعمالها.

ويزعم المنظمون الآن أن شركات مثل أبل وغوغل قامت ببناء أنظمة بيئية لا يمكن اختراقها حول منتجاتها، ما يجعل من الصعب على الزبائن التحول إلى الخدمات المنافسة، مما أدى إلى صياغة مصطلح الحدائق المسورة.

وحذرت وزارة العدل الأميركية الأربعاء الماضي أبل، البالغة قيمتها 2.7 تريليون دولار، من أن أمر التفكيك ليس مستبعدا كعلاج لاستعادة المنافسة بعد أن تعاونت مع 15 ولاية لمقاضاة الشركة لاحتكارها سوق الهواتف الذكية وإحباط المنافسين وتضخيم الأسعار.

وبينما تأتي الإجراءات الأميركية في أعقاب التهديدات المتصاعدة الأخرى في جميع أنحاء أوروبا الأسبوع الماضي، فمن المرجح أن يستغرق الأمر سنوات للبت في القضية، التي تعهدت شركة أبل بمحاربتها.

وستواجه شركات التكنولوجيا الكبرى المزيد من التدقيق قريبا، ومن المرجح أن يتم التحقيق مع أبل وميتا بلاتفورمز وألفابت بحثا عن انتهاكات محتملة لقانون الأسواق الرقمية (دي.أم.أي).

وقالت مصادر لديها معرفة مباشرة بالأمر لرويترز الخميس الماضي، طلبت عدم الكشف عن هوياتها، “قد تؤدي التحقيقات إلى غرامات باهظة وحتى أوامر تفكيك للانتهاكات المتكررة”.

وساعدت مارغريت فيستاجر، رئيسة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، في تمهيد الطريق لاتخاذ إجراءات جذرية العام الماضي عندما اتهمت غوغل بممارسات مناهضة للمنافسة في أعمالها التي تدر الأموال، وأنها قد تضطر إلى التخلص من أدوات جانب البيع.

وقالت إن “مطالبة غوغل ببيع بعض أصولها يبدو أنها الطريقة الوحيدة لتجنب تضارب المصالح لأنها ستمنع الشركة من تفضيل خدمات تكنولوجيا الإعلان الرقمي عبر الإنترنت الخاصة بها مقابل المعلنين والناشرين عبر الإنترنت”.

ومن المتوقع أن تصدر هيئة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي قرارا نهائيا بحلول نهاية العام. وعليه ستظل الأوساط التكنولوجية تترقب ما ستفضي إليه أول جولات هذه المعركة الطويلة.

وقال أندرياس شواب، مشرّع بالبرلمان الأوروبي، الذي شارك بشكل كبير في صياغة قواعد تقنية لقانون دي.أم.أي التاريخية للاتحاد الأوروبي والتي بدأت هذا الشهر، إن “المشرعين يريدون اتخاذ إجراءات جريئة ضد شركات التكنولوجيا الكبرى التي تنتهك القواعد”. وأضاف في تصريح الجمعة الماضي “إذا لم يلتزموا بقانون دي.أم.أي، يمكنك أن تتخيل ما سيطلبه البرلمان، والهدف النهائي هو جعل الأسواق مفتوحة وعادلة وتسمح بالمزيد من الابتكار”.

وليس من المؤكد على الإطلاق أن المنظمين سيصدرون أمر تفكيك لأنهم يدرسون الخيارات وأي إجراء قد يؤدي إلى غرامة. واقترح خبراء قانونيون أيضا أن القضية المرفوعة ضد شركة أبل، المستمدة من قضية عام 1998 ضد مايكروسوفت، قد تكون أكثر صعوبة هذه المرة.

وقال مسؤول في المفوضية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لرويترز “في الاتحاد الأوروبي، هناك تقليد أقل، حيث يُنظر إلى تقسيم الشركة كملاذ أخير. لم يحدث هذا من قبل على الإطلاق”.

وأوضح المحامي داميان جيرادين من شركة جيرادين بارتنرز، الذي يقدم المشورة للعديد من مطوري التطبيقات في قضايا أخرى ضد شركة أبل، أن نظام أبل المتكامل للغاية سيجعل التفكيك صعبا أيضا مقارنة بغوغل.

وقال لرويترز “يبدو لي الأمر أكثر تعقيدا. أنت تتحدث عن شيء متكامل، وعلى سبيل المثال، لا يمكنك إجبار شركة أبل على سحب متجر التطبيقات الخاص بها. هذا غير منطقي”.

وأضاف أنه “سيكون من الأفضل فرض علاجات سلوكية على أبل تلزمها بالقيام بأشياء معينة، بينما في حالة غوغل، يمكن لأمر التفكيك أن يستهدف ببساطة عمليات الاستحواذ التي تتم لتعزيز خدماتها الرئيسية”.

وقال ماكس فون ثون، مدير مجموعة أدفاوساسي أوبن ماركتس، “الأمر الأكثر ترجيحا هو أنهم (وزارة العدل) يبحثون عن حلول مثل فتح وظائف الأجهزة، أو التأكد من عدم تعرض المطورين للتمييز من حيث التسعير”. وأضاف “أعتقد أنهم يريدون أن يقولوا إن كل شيء مطروح على الطاولة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم سيختارون هذا المسار”.

وتحصل أبل على معظم إيراداتها البالغة 400 مليار دولار سنويا من بيع أجهزة آيفون وماك وآي باد والساعات تليها أعمال الخدمات، التي ستدر ما يقرب من 100 مليار دولار سنويا.

وقال أسيماكيس كومنينوس، الشريك في شركة وايت آند كيس للمحاماة، إن “العلاجات الهيكلية مثل الانفصال سيتم اختبارها في المحاكم في نهاية المطاف”.

وأضاف أن “تجارب الإجراءات الهيكلية المفروضة، مثل الانفصال، ليست كثيرة، لكن تجربة الماضي الصغيرة تظهر أن هذا الأمر صعب للغاية، بصرف النظر عن التحديات القانونية الهائلة”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةغبريل : للابتعاد عن التحاليل والتكهنات في القطاع المصرفي
المقالة القادمةكنعان: حل أزمة الودائع يكمن في توزيع المسؤوليات