لا يزال الغموض يكتنف مسألة إكتتاب المصارف أو مصرف لبنان بسندات خزينة بقيمة 11 الف مليار ليرة بفائدة 1 في المئة. وفي حين اعلن الامين العام لجمعية المصارف بوضوح امام لجنة المال، انّ المصارف لن تشارك، هناك غموض بالنسبة الى القرار الذي سيتخذه المركزي حيال هذا الملف. والمعضلة، انّ التلكؤ في إنجاز هذا المشروع، يعيد الامور الى نقطة الصفر بالنسبة الى العجز في الموازنة.
أكّد النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»، انّ المصارف أعلنت عبر ممثلها الامين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، خلال مشاركته في إحدى جلسات لجان المال، انّ المصارف لن تشارك في الاكتتاب، عازياً ذلك الى عدم توفر السيولة لأنّ المصرف المركزي امتصّ السيولة من السوق. أما المركزي، فلم يعلن بعد موقفاً واضحاً من الاكتتاب، ولفت ممثله خلال اجتماع لجنة المال الى انّ الموضوع قيد الدرس، ولم يُتخذ أي قرار بعد في هذا الخصوص، وبالتالي لا نعلم ماذا ينوي الحاكم ان يفعل، لكن ومن دون ادنى شك، الموضوع حسّاس للغاية ويجب إيجاد حل له، لأنّ كل العجز المخفّض يعتمد على هذا البند.
وعمّا اذا كان من الممكن إيجاد بديل عن هذا الاقتراح، قال جابر: «ليس من السهل إيجاد بديل خصوصاً ان الموازنة تضم مجموعة كبيرة من الضرائب، علماً انّ اقتصادنا في حال انكماش، ولا يمكن ان تُحلّ الأزمة الاقتصادية بفرض ضرائب جديدة. أما اللجوء الى طبع عملة فسيكون له تأثيرات تضخمية نحن في غنى عنها».
من جهته، رأى النائب نقولا نحاس، انّ من المتوقع ان يقوم المركزي بالاكتتاب بسندات خزينة بالليرة بقيمة 11 الف مليار بفائدة 1%، اما اذا لم يقم بهذه الخطوة فستتعقّد الامور.
وقال لـ«الجمهورية»: «السؤال المطروح اليوم، كيف سيقوم المركزي بهذه العملية؟ إذا استعمل احتياطه، فهذا يعني انه يستعمل القوة التي في حوزته وهي اموال الناس (الودائع). أو انه سيعمد الى طبع العملة. لكن حتى الآن الصورة غير واضحة، لذا سأقترح ان ندعو الحاكم الى لجنة المال لنستمع اليه كيف سينفذ هذه العملية».
وعمّا اذا كان هناك تأكيد بأنّ المركزي سينفذ عملية الاستبدال هذه، قال: «نحن نتقيّد بما قاله وزير المال، ومفاده انّ هناك تفاهماً مع حاكم المركزي بتنفيذ هذه العملية، لكنه لم يوضح كيف، ونحن نتطلع الى توضيح صريح من الحاكمية في هذا الخصوص».
وهل من بديل عن الاكتتاب اذا تعذّر القيام به، أجاب: «كلا لا بديل من هذه الخطوة». كما أكّد ان لا بديل من اقتراح فرض رسم 2% على المستوردات اذا سقط. وأشار، «نحن ندرس الموازنة بنداً بنداً، ولم ندرس اقتراحات لبدائل جديدة، فالبدائل ليست عندنا، انما عند الحكومة، وما طُرح حتى الآن هو تعديل بنود مطروحة».
البدائل المطروحة
وعمّا اذا كانت هناك بدائل من المقترحات التي يتمّ اسقاطها في جلسة لجنة المال، قال جابر: «وجدنا في مشروع قانون الموازنة الكثير من المقترحات غير المدروسة، والتي من شأنها أن تضرب قطاعات مضروبة أصلاً، فعلى سبيل المثال: لماذا نفرض ضريبة على القطاع السياحي ونحن نعاني اصلاً من ارتفاع ثمن تذاكر السفر والقطاع الى تراجع؟ أو نفرض ضريبة على نَفَس النرجيلة، فكيف يمكن احصاء عدد الرؤوس؟ نحن لم نصل الى هذا البند بعد لكن سنسقطه، والمؤسف أن بعض المقترحات يمكن وصفه بالسخيف».
وأضاف جابر: «كبديل عن الرسوم المقترحة على الإشغال الفندقي، اقترحت فرض تسجيل سيارات «rapid»، التي يستعملها أصحاب المهن الحرة وعددها نحو 10 الى 12 الف سيارة، وهذه الخطوة من شأنها أن تؤمّن نحو 10 مليارات ليرة. أما كبديل عن ضريبة نَفس النرجيلة، سنقترح أن يدفع كل مطعم يقدّم نرجيلة ضريبة تتغيّر وفق حجم المطعم. كما في حوزتنا الكثير من المقترحات، ونعتزم شطب الكثير من المقترحات. فعلى سبيل المثال لماذا اعطاء اوجيرو 425 ملياراً؟ علما أنّها أخذت ما مجموعه مليار دولار خلال السنتين الماضيتين، كما سنقوم بقص بعض الرواتب المضخّمة».
الى ذلك، برّر جابر سقوط اقتراح فرض ضريبة على القيمة المضافة على حجم الاعمال، التي تصل الى 50 مليون ليرة، لأنّ هذه الضريبة ستطال كل من يصل حجم مبيعاته أو مدخوله باليوم 80 دولاراً، وهذا التدبير سيطاول الاعمال الصغيرة مثل الحلاق والكهربجي وصاحب الدكان الصغير … وستجبر هذه الخطوة أصحاب الاعمال الصغيرة على استقدام مدقق حسابات وزيادة التكاليف عليهم، لذا هذا الاقتراح برأيي غير قابل للتطبيق».
من جهته، اشار نحاس الى انّ كل بند يتبيّن انه يمسّ بالمسلّمات لمداخيل او لحقوق فئات متعددة يستحوذ على وقت طويل من النقاش، وتطرح حوله تساؤلات عمّا اذا كان هناك نية للاصلاح في التدبير المطروح ام هو اجراء يُتخذ لأننا بحاجة اليه، وبالتالي انّ البحث يستمر من اجل تبيان تأثير الاجراءات التي تُتخذ لنرى ما اذا كان الاجدى اعادة صياغة الانظمة لتتوافق مع امكانيات الدولة ومع استمرارية اعطاء هذه التقديمات ام لا.
قراءة الموازنة
وعن رضاه عن سير مناقشة موازنة 2019 قال نحاس: «ان نفَس او نهج موازنة 2019 شبيه بنهج الموازنات السابقة، هذه ليست موازنة اصلاح لأن الموازنة الاصلاحية تبحث في الهيكلية والانظمة والاجراءات والتقديمات والهبات الامر الذي لم يتم التطرّق اليه بالعمق، انما نحن نبحث في حسابيات البنود ومدخول كل بند. وشدّد على ان الموازنة الاصلاحية تتطلب مجهودا سياسيا كبيرا جدا، انما ما بين يدينا هي موازنة تقشفية بامتياز، حسنا فعلوا لكنها ليست المطلوب”.