الموازنة لم تدخل بعد في الجدّ

 

التاسعة والنصف مساء الاثنين لقاء ثلاثي في قصر بعبدا، الثامنة والنصف مساء الثلثاء النقابات تتراجع عن التصعيد ‏والتحركات الاحتجاجية. والاتحاد العمالي العام يعلن تعليق الإضراب في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة ‏والخاصة، والعودة إلى العمل اعتبارا من صباح اليوم‎.‎

أقل من 24 ساعة كانت كافية للملمة الوضع و”ضبضبة” التحركات المطلبية بتوافق سياسي شمل، الى الرؤساء ‏الثلاثة، معظم القيادات الأساسية في البلاد، بما يؤكد ان القرار النقابي لا يزال سياسياً، وان القطاعات النقابية ممسوكة ‏الى النفس الاخير‎.‎

واذا كانت مساعي التهدئة نجحت الى حد كبير، فإن من الخطورة بمكان ان تكون الاحتجاجات، وبعضها مدفوع دفعاً، ‏أطاحت إمكان الاصلاح في الموازنة، ودفعت الى “موازنة واقعية” بالحد الأدنى الممكن لتسيير الأمور ومنع الافلاس ‏الذي أكد رئيس الوزراء سعد الحريري انه بعيد من لبنان‎.‎

مجلس الوزراء لم يدخل في الجد، ونتائج اجتماع بعبدا الليلي الاثنين مرشحة لمزيد من الاختبار بدءاً من اليوم مع ‏انطلاق “النقاش الحامي” الذي لم يبدأ بعد في درس مشروع الموازنة، كما رأى الوزير جبران باسيل. وبدا المجلس ‏أمس كأنه يعمل على امتصاص النقمة التي افتعلت في الشارع الاثنين منذرة بمضاعفات خطيرة على مجمل الوضع اذا ‏ما كبرت كرة الثلج التي تلقفها لقاء بعبدا للرؤساء الثلاثة. وأفادت مصادر مطلعة ان اللقاء الثلاثي اتفق على إجراء ‏سلسلة اتصالات لطمأنة اللبنانيين أولاً، وضبط حركة الشارع ثانياً، وإقرار الموازنة قبل نهاية الاسبوع الجاري، ‏واحالتها على مجلس النواب رابعاً، وترك موضوع العسكريين للتفاهم بين وزير الدفاع وقيادة الجيش سادساً، والعمل ‏على المساواة في الهيكليات في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة سابعاً‎.‎

واتفق المجتمعون على ان النقاط التي يقوم حولها جدل يمكن التفاهم على خطوطها العريضة على ان يتم تفصيلها ‏لاحقاً بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء. واتفق أيضاً على ان الإصلاحات يجب ان تعتمد على معايير واحدة دون ‏تمييز بين قطاع وآخر بحيث تكون عادلة. وقالت المصادر ان الهدف ليس الأخذ من طرف دون آخر، أي مبدأ العدالة ‏سيلتزم في الإجراءات الإصلاحية المطروحة. أما الإضرابات، فاتفق كما أوضحت على ان تعالج خصوصاً ان لا سبب ‏موضوعياً لقيامها. وأكدت ان الرؤساء الثلاثة اتفقوا على موقف موحد من الإصلاحات المطروحة لتكون عادلة وبعيدة ‏من أي تمييز بين طرف وآخر‎.‎

وعقد مجلس الوزراء جلسة عصر أمس برئاسة الرئيس الحريري، صرح على أثرها وزير الإعلام جمال الجراح بأنن ‏النقاش استكمل في المواد القانونية، واليوم تستأنف دراسة المواد، “على أمل أن ننتهي نهائياً إن شاء الله من المواد ‏القانونية وندخل في الأرقام. ونأمل أن ننتهي يوم الجمعة أو قبله من موضوع الموازنة‎”.‎

لكن غمزاً من باب الأرقام صدر عن “تكتل لبنان القوي” الذي عقد اجتماعه الأسبوعي برئاسة الوزير باسيل وتحدّث ‏أمين سرّ التكتل النائب ابرهيم كنعان فقال إنه “لا يكفي مجرّد العمل على الأرقام بغياب الرؤية والنمو”. واعتبر ان ‏‏”الطرح التقشفي المطروح من خلال مشروع وزارة المال متواضع جداً وخاضع للنقاش، والمبدأ العام هو الاصلاحات ‏البنيوية التي تطاول الهدر وتضبط المالية العامة وتتناول خدمة الدين والقوانين التي لم تنفذ حتى الساعة والكفيلة ‏بتأمين مردود للدولة‎”.‎

من جهة أخرى، أكد نائب رئيس الوزراء غسان حاصباني لـ”النهار” انه “اذا استطعنا تنفيذ الموازنة الاصلاحية ‏وبرهنا للمجتمع الدولي ذلك، ثمة تصنيف ائتماني مرتقب في آب من إحدى الشركات الائتمانية، إذا كان مرتفعاً سيزيد ‏السيولة ويحسن وضع الفوائد ويزيد الاستثمارات في لبنان ويحسن الحركة الاقتصادية. أما عدم استقرار الأوضاع، ‏فسيخفّض التصنيف الائتماني، بما يؤدي الى الخراب ويفقد الرواتب المرتفعة قيمتها‎.

مصدرالنهار
المادة السابقةالإتحاد العمالي يعلن تعليق الاضراب بالمصالح المستقلة والمؤسسات العامة
المقالة القادمةتعليق الإضراب إنتظاراً “لموازنة متوازنة” غداً لا تُخفّض الرواتب