بعد 19 جلسة لمجلس الوزراء في السراي الحكومي أحيلت موازنة العام 2019 الى القصر الجمهوري، ليكون له فضل الحسم، كما العادة المتجددة مع «العهد القوي»، وفي غياب الضمانة بأن يكون الحسم سريعا، في ضوء المستجدات من تحفظات واعتراضات.
رئيس الحكومة سعد الحريري الذي خرج من جلسة يوم الجمعة الاخيرة، أقل انشراحا من المتوقع، صرف النظر عن عقد المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير المال علي حسن خليل تاركين الكلام لوزير الإعلامجمال الجراح الذي خرج على وسائل الإعلام قائلا لهم: «مبروك خلصنا.. انتهت الموازنة»، ناقلا عن الرئيس الحريري قوله: «نحن خلصنا»، وقال الجراح: الجلسة التالية في قصر بعبدا الاثنين (غدا).. ربما تكون الأخيرة، قبل سفر رئيس الحكومة الى مكة المكرمة لتمثيل لبنان في القمتين العربية والإسلامية.
ومرد الـ «ربما» الى تحفظات عرضها وزراء حزب القوات اللبنانية، واعتبروها ضرورية، في ختام الجلسة. ما استدعى من الرئيس الحريري، تأجيل طرح هذه التحفظات، الى جلسة مجلس الوزراء في بعبدا غدا.
وردا على التحفظات التي طالت أرقام الموازنة، من جانب «القوات»، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» إنها ليست راضية عن الموازنة، لعدم معالجتها ترهل القطاع العام أو خفضها حجم الهدر، ما يعني أنها موازنة الممكن، ويقول نائب رئيس الوزراء غسان حصباني: لقد اقرت بعض بنود ورقة الوزير جبران باسيل المتعلقة بضبط المعابر غير الشرعية بين لبنان وسورية، وليس كلها، ولم تعالج أرقام مرفأ بيروت وضرورة تحويل عائداته الى السلطة المالية.
الوزير باسيل، أكد على مواصلة العمل الايجابي، وان ننهي الموازنة غدا، ونسب التأخر الحاصل الى وزراء يحرّضون وسائل الإعلام، على أمور غير صحيحة، كما أن الحديث عن خلافات، غير صحيح أيضا.
لكن لا أحد يتحدث عن سر التسريع المفاجئ والتحول من التعقيد المطلق الى الحل مع التحفظ!
المصادر المتابعة لفتت لـ«الأنباء» الى وجود موفدين أميركي وفرنسي في بيروت الآن: رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي إليوس انجيه، على رأس وفد التقاه الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري.
وأبلغه الرئيس عون بأن القوانين اللبنانية تعاقب أي نشاط لتمويل الارهاب، أو تبييض الأموال، جزائيا وماليا.. وتشهد على تطبيق هذه القوانين المؤسسات المالية الدولية.
الكونغرس الأميركي، أكد من جهته حرص بلاده على مساعدة لبنان في المجالات كافة. ووصف مهمة انجيه «بالاستطلاعية»، وربما للتمهيد لعودة مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد الثلاثاء المقبل لوضع أسس بداية التفاوض اللبناني – الاسرائيلي حول ترسيم الحدود الجنوبية البرية والبحرية، برعاية أميركية.
وبالتزامن، وصل بيروت المستشار المعاون للرئيس الفرنسي ماكرون، أورليان لوشوفاليه، حيث التقى الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، كما عرض مع وزيرة الطاقة ندى بستاني مشاريعها النفطية والكهربائية.
على أن مهمة الوافد الاميركي تتجاوز ترسيم الحدود الجنوبية أو التمهيد لزيارة ساترفيلد، الى التجاذبات المتصلة بالموازنة اللبنانية وشد الحبال الجاري حولها، فيما تبدو أن مسألة الموازنة هي في أساس زيارة الوفد الفرنسي الذي تناول تطبيق بنود مؤتمر «سيدر» مع إقرار الموازنة، الى جانب مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية التي يرعاها الأميركيون، فضلا عن مسار التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
الرئيس نجيب ميقاتي تخوف من أن تؤدي هذه الموازنة الى انكماش اقتصادي، في حين رد النائب مروان حمادة تأخير الموازنة الى هدف «الصهر» الظهور بمظهر أو التخفيض.
الناشط السياسي روجيه اده، قال في حديث متلفز: لبنان في قلب الانهيار، الذي تحدث عنه الرئيس ميشال عون ثم نفاه، وهناك إحباط شعبي والمطلوب «تصغير معدة للنافذين».
على المستوى الاقليمي، يرى المفكر الاسلامي المعروف د. رضوان السيد، «ان أهوال السلم المتصدع في لبنان، أسهل علينا من الحرب التي يمكن أن تقع.. بعد دخول أهل السلطة في بلدان عربية تحت المظلة الإيرانية». وقال لإذاعة «صوت لبنان: الحرب تملك اخطارا، لكن السلم الإيراني يستبطن أهوالا».