ما فرّقته السياسة اللبنانية سيجمعه المونديال، كلّ المشجّعين جهّزوا أعلامهم، فسوق الأعلام انتعش، حيث انتشرت بسطات البائعين بكثافة على طرقات النبطية وفي القرى. «الإقبال كبير» يقول أبو علي ريحان صاحب احدى البسطات، لافتاً الى «أنّ الاسعار تتفاوت بين علم وآخر حسب النوعية»، وإن جزم بـ»أنّ الصيني يغزو الاسواق، وأعلام القماش باهظة الثمن والظروف المادية لم تمنع أحداً من شراء علم، فالناس تنتظر الموسم بفارغ الصبر».
الى جانب الأعلام رفعت اليافطات الرياضية على الشرفات، ونشط عشّاق الفوتبول بشراء بدلات فِرقهم استعداداً للذهاب الى المقاهي لمشاهدة الاستحقاق الرياضي الاهمّ في العالم.
فكيف يبدو المشهد في المقاهي؟
حسن بصار صاحب مقهى في منطقة النبطية، ينتظر المونديال بفارغ الصبر، يؤكّد أنّه «فرصة ذهبية لتحريك العجلة الاقتصادية، وكلّ الناس ستلجأ الى المقاهي لمشاهدة مباريات كأس العالم، فقلّة تملك إشتراكاً خاصاً بالمونديال». اعتمد حسن، كما يقول، نظام تخفيض لجذب عشّاق كرة القدم الى مقهاه، أعدّ العدّة وجهّز الأعلام وكل تفاصيل المونديال، يجزم بـ»أنّ معظم المشاهدين سيركّزون على تناول القهوة أو الشاي والنرجيلة»، الأخيرة سيّدة الجلسات وسعرها لا يتجاوز الـ45 الف ليرة، و»مع كل نرجيلة كوب قهوة مجّاناً»، يريد أن يجذب أكبر عدد ممكن، «المونديال فرصة إقتصادية لا تتكرّر».
تستعدّ مطاعم ومقاهي النبطية للمونديال على اعتبار أنّه فرصة اقتصادية ذهبية لتحريك عجلتها الراكدة، واعادة الزخم اليها، فالاستحقاق الرياضي يجمع الكلّ حوله بعيداً من السياسة وأزمات البلد، وهو الوحيد الذي يتعاطى معه اللبناني على أنّه «الفرح»، على ما يقول بسام يوسف، جازماً بأنّه سيتابع فريقه الالماني في إحدى «الكافيهات» الشعبية المنتشرة في المنطقة، بعدما اتفق مع رفاقه على الحضور يومياً لمتابعة مباريات الكأس العالمية. لا يقف عند الكلفة التي تفرضها المشاهدة، «بيكفي كوب نسكافيه أي 40 الف ليرة»، كلفة يومية سيدفعها، علماً أنّه لا يزور «الكافيه» الّا مرّة أسبوعياً، «ولكن للفوتبول ضرورياته».
لا يخفي ياسين جمعة صاحب مقهى في المنطقة حجم الإقبال المتوقّع لمشاهدة مباريات كأس العالم، رفع شاشة عملاقة وأرفقها بأعلام الدول المشاركة، لن يزيد الأسعار، على ما يقول، ما يريده تحقيق أرباح مقبولة تعوّض خسارة الموسم، لافتاً الى أنّ معظم المتابعين سيكونون من الشباب وبالتالي تركيزهم سيكون على النرجيلة، المنافس الأبرز للمونديال، ويتراوح سعرها بين الـ45 و80 الفاً، حسب المطعم و»الكافيه»، فمن دونها لا طعم للمباريات على ما يؤكد، من هنا رفع عدد النراجيل لديه اضافة إلى الاستعانة بالقهوة العربية لاضفاء نكهة خاصة على مقهاه.
يراهن أصحاب المقاهي على غياب اشتراكات القنوات عن المنازل، يعوّلون على موسم أكثر من مربح، لا سيّما وأنّ المونديال يأتي في ظروف اقتصادية صعبة يبحث من خلالها الناس عن فسحة فرح، وبالتالي ستتحول المقاهي الشعبية تحديداً مراكز استقطاب غير مسبوقة، فـ»المونديال بيجمع» على ما يؤكد فادي ضاهر الذي سيتابع فريقه البرازيلي في «كافيه» في بلدته حومين، فكلّ رفاقه سيجتمعون داخلها، كل واحد منهم يشجّع فريقاً.
حكماً المنافسة ستكون محتدمة بين المشجّعين لكنّها لن تصل إلى احتدام السياسة اللبنانية، «فالزكزكة» ستكون سيّدة كل مباراة، حيث سينقسم الشباب بين الفريقين الخصمين، ولكنّ التشجيع سيكون بروح رياضية من دون الانزلاق الى إشكالات بسبب خسارة هذا الفريق أو ذاك.