الناس بـ”لقمة” الخبز… وممثّلو العمّال بـ”النِّفاس”

العمال مشغولون في إيجاد التوليفة التي تسمح بإطالة دخلهم أياماً قليلة، واتحادهم العام مشغول بأمر نفسه. ففي الوقت الذي تمر فيه دقائق النهار دهراً على الكادحين الباحثين عن ثمن ربطة خبز وأجرة الطريق للذهاب الى أعمالهم والإياب منها، لاقت قيادات الاتحاد العمالي العام الوقت الكافي لتأجيل اجتماع لجنة المؤشر المقرر يوم أمس والسفر إلى الخارج.

هذا التصرف الذي يضع هموم ومشاكل العمال على درجة منخفضة في سلم أولويات الاتحاد العمالي العام لا يستغربه رئيس مجلس المندوبين السابق في “الاتحاد” النقابي أديب أبو حبيب. فـ”الحركة النقابية التي كانت الرافعة و”الدينامو” المحرك للقضايا العمالية والاجتماعية والوطنية ضربت في الصميم منذ نهاية الحرب الأهلية. وتحديداً بعدما تولى عبدالله الأمين وزارة العمل في حكومتي رشيد الصلح ورفيق الحريري الأولى. حيث لجأت السلطة السياسية إلى تفتيت الحركة النقابية من خلال تفريخ الاتحادات والنقابات وإخضاع قياداتها لتهديد وترغيب تحالف “الميليشيا – رأس المال”. فارتفع عدد الاتحادات التي تشكل الاتحاد العام من 22 اتحاداً تضم 225 نقابة إلى 62 اتحاداً و625 نقابة. وأصبح الاتحاد يشبه “مارداً كبيراً بقدمين من خزف”، بحسب توصيف أبو حبيب.

الأوضاع المأسوية للعمال تترافق مع إقفالات بالجملة للمؤسسات التجارية والمصانع والورش الزراعية. حيث تُبين الأرقام قبل ثلاثة أشهر من اليوم أن أرباب العمل تقدموا بصرف نحو 70 ألف عامل. وهذا الرقم قد يكون وصل إلى “100 ألف اليوم”، يقول أبو حبيب. و”عليه فان المقاربة الأساسية دقيقة، ويجب أن تأخذ بالاعتبار استمرار المؤسسات. وتحديداً الصناعية منها. وذلك حفاظاً على فرص العمل القائمة، وافساحاً في المجال أمام توليد فرص عمل جديدة”. فالمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 ملايين ليرة عادلة. والعمال يستحقون فعلياً تقريش ما كانوا يتقاضونه بالليرة على دولار 1500، وضربه بسعر صرف اليوم.

الصحوة المفاجئة للاتحاد العمالي العام لتصحيح الأجور كان يجب أن تبدأ منذ العام 2014. حيث ينص قانون العمل في إحدى مواده على وجوب إعادة النظر في الأجور كل سنتين مرة على الأقل. وهذا ما لم يحدث منذ العام 2012 تاريخ إقرار آخر زيادة على الأجور. وذلك على الرغم من التضخم وتآكل المعاشات والتعويضات وحرمان العمال من أبسط حقوقهم المعيشية. اليوم وأمام هذا الواقع من المفيد جداً بحسب أبو حبيب “استعادة الوثيقة البرنامجية التي طرحتها الحركة النقابية في المؤتمر النقابي الوطني في دورته السابعة سنة 1996. ولا سيما أنها تحدد برنامجاً اجتماعياً اقتصادياً رؤيوياً للحركة النقابية لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والوطنية. كما أنها تتضمن مشروع هيكلية نقابية قائماً على 18 اتحاداً، واعطاء الحق لموظفي الدولة بانشاء نقابات تجمعهم”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةأبو شقرا: المحروقات متوافرة في كلّ المحطات
المقالة القادمةدواليب السيّارات تحت مرمى اللصوص