بلغت كلفة النزوح السوري الى لبنان، بعد عقدٍ على اندلاع الأزمة السورية، وفق التقديرات الرسمية نحو 46 مليار دولار، مقابل دعم دولي لم يتخطَّ الـ8.7 مليارات دولار. في الموازاة، يُستهلك احتياطي مصرف لبنان لدعم السلع والمواد النفطية والغذائية الأساسية، والتي يستفيد منها كلّ مقيم في لبنان، بدءاً من «ربطة الخبز»، بحيث تذهب أموال المودعين واللبنانيين من خلال سياسة الدعم الى النازحين السوريين أسوةً بالمواطنين، من دون اتخاذ الدولة اللبنانية أو المنظمات الدولية المعنية أي إجراء تجاه هذه المسألة، في حين أنّ ترشيد الدعم لبعض السلع لو حصل قبل سنوات وحُصر باللبنانيين لكان أمكن الاستمرار فيه لمدّة أطول.
هذا فضلاً عن أنّ الدعم الدولي للمجتمع اللبناني المضيف لم يكن مرةً بمقدار الحاجات والمطلوب، وأتى مؤتمر بروكسل الخامس لـ»دعم مستقبل سوريا والمنطقة» من دون الطموحات والحاجات بنحوٍ عام، بحيث جمع 6.4 مليارات دولار من المانحين الدوليين فيما كانت الأمم المتحدة طالبت بـ10 مليارات دولار بهدف تقديم الدعم للسوريين والمجتمعات المضيفة للنازحين، فيما يعوّل لبنان على حصة كبيرة من هذا الدعم. وكان لبنان قد حصل من مؤتمرات بروكسل الأربعة السابقة على 8.7 مليارات دولار. ويشرح المشرف العام على خطة لبنان للاستجابة الى الأزمة الدكتور عاصم أبي علي لـ»الجمهورية»: «انّنا في كلّ عام نرسل طلباً أو مناشدة للمانحين في مؤتمر بروكسل، وإنّ الدعم الذي حصلنا عليه مهمّ لكنه غير كافٍ، لأنّ التكلفة أعلى بكثير، ولم يتخطّ الدعم نسبة 50 في المئة من الطلب، فيما أنّ الحاجات تزداد يومياً وإمكانات الدولة اللبنانية تقلّ». ويضيف: «نحن نحتاج الى مساعدة المجتمع الدولي. لقد تحمّلنا أعباء مباشرة وغير مباشرة من وجود النازحين في لبنان عبر السنوات الماضية تفوق الـ40 مليار دولار من نفقات مباشرة وأكلاف غير مباشرة».
لبنان ذهب الى «بروكسل 5» الذي عُقد افتراضياً، بطرح موحد مرتبط ببناء شبكة أمان وحماية إجتماعية للمجتمعات المستضعفة والفقيرة بصرف النظر عن جنسيتها، وتتنظر الوزارة معرفة حصة لبنان من الدعم الموعود في «بروكسل 5»، من نائب سفير الاتحاد الأوروبي لدى لبنان الذي سيزور وزارة الشؤون الاجتماعية الثلاثاء المقبل ويُطلع الجانب اللبناني على هذه التفاصيل والأرقام.
إزاء ذلك، وبعد 11 عاماً على النزوح السوري الى لبنان، وعدم القدرة على تحمُّل هذا «الوجود الموقت»، كما وصفه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في كلمته في مؤتمر بروكسل، يطمح لبنان الى عودة النازحين الى بلدهم، وعمل على ذلك سابقاً من خلال الأمن العام، وأقرّت حكومة دياب خطة لهذه العودة، لكنه لم يتمكن من تأمين عودة أكثر من بضعة آلاف منهم.
لكن على رغم بدء هذا التنسيق من خلال زيارات الوزير السابق لشؤون النازحين صالح الغريب لدمشق، وبعده وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية، إلّا أنّ أي نتيجة لم تظهر من هذا التنسيق بعد، فالحدود اللبنانية ـ السورية مقفلة في وجه عودة النازحين بقرار من الحكومة السورية بسبب «كورونا». لكن على رغم ذلك تعوّل مصادر مشرفية على زيارته الأخيرة لدمشق حيث التقى عدداً من الوزراء السوريين، وعلى التزام الجانب السوري التعاون المطلق مع الجانب اللبناني في تأمين التحفيزات والتسهيلات المطلوبة كافة لعودة النازحين.