لطالما ارتبطت «المهارة» بقيادة السيارات بالذكور. لم تكن ثمة رواية تتعلق بتفوّق امرأة في القيادة. هذا، على الأقل، ما صنعه «الخيال» – الذكوري بطبيعة الحال. أما الواقع الذي تصنعه الأرقام فيبيّن حقائق أخرى، مفادها أن النساء أقل تسبّباً بالحوادث – القاتلة منها وغير القاتلة. أرقام قوى الأمن الداخلي تؤكّد أن 80% من تلك الحوادث سببها قيادة الذكور!
كسرت تلك الأرقام «هيبة» الرجال، وصار بإمكان النساء التباهي بإمساك المقود، والإعلان أنهنّ أكثر مهارة في القيادة. بالأرقام، تبيّن إحصاءات العام الماضي (بين الأول من كانون الثاني 2018 وحتى التاسع من كانون الأول من العام نفسه) وقوع 4265 حادث سير أدّت الى سقوط 464 قتيلاً و5570 جريحاً. ومن هذه النسبة، تسببت النساء بـ11 حادثاً مميتاً نتج عنه 11 قتيلاً، فيما تسبب الرجال بـ204 حوادث قاتلة ذهب ضحيتها 207 قتلى و2297 حادثاً ـ غير قاتل ـ نتج عنها 2483 جريحاً. تعيد هذه الأرقام إلى الذاكرة تقريراً أصدرته الشرطة الفرنسية عام 2012، تعليقاً على الإحصاءات المتعلقة بالحوادث المرورية، وقالت في خلاصته «لو قاد الرجال سياراتهم مثل النساء، لكان لدينا عدد أقل من الضحايا على طرقاتنا».
لكن، على ما يبدو أن تلك الأرقام على أهميتها لا تسعف للقول، ولو بطرافة، أن «النساء في القيادة يستأهلن أن يكنّ قوامات على الرجال»، إذ سرعان ما ستتبعها تبريرات لحفظ «الهيبة» الذكورية، منها مثلاً ما ذهب اليه أحد خبراء السير بأن الأمر يتعلّق بـ«الجرأة»، إذ أنّ «الرجل يقود بجرأة أكبر من المرأة». ويعطي مثلاً، بأن «المرور بين سيارتين متقاربتين قرار عادي عند الرجل، أما المرأة، فقد تكون قلقة، وعليه تكون نسبة مخاطرتها أقل بكثير»!