في المفاوضات التي تدور لدعم موظفي القطاع العام، لا تعير السلطة السياسية اهتماماً لوجود الروابط والنقابات. فقد خرجت ببدعة «المساعدة الاجتماعية» وطرحت اقتراحات القوانين بشأنها ووضعت الأرقام، ثم بلغت ممثلي المعلمين والموظفين بالنتائج من دون أن تشركهم حتى في نقاشها. قبل ذلك، نجحت أحزاب السلطة في شرذمة الهيئات النقابية «الشرعية»، إذ لم يعد هناك، عملياً، حضور لهيئة التنسيق النقابية المكونة لروابط الأساتذة والمعلمين في التعليمين الرسمي والخاص والموظفين في الإدارة العامة. وبات كل مكوّن يتحدث باسم القطاع الذي يفترض أنه يمثله. إذ انفصلت رابطة الموظفين الإداريين عن روابط الأساتذة والمعلمين في التعليم الثانوي والأساسي والمهني، وبات لها مسار تحركها المستقل. وعلى رغم أن روابط المعلمين تفاوض السلطة مجتمعة، إلا أنها تتخذ قرارات منفصلة أيضاً، مع قاسم مشترك أنها وافقت على ما سمته «أفضل الممكن»، من دون أن تتمسك بمطالب نقابية بديلة. أما نقابة المعلمين في المدارس الخاصة فلديها خصوصيتها ولم تحضر اللقاءات مع وزارة التربية والحكومة لمناقشة أية تقديمات.
على خط مواز، تبدو المعارضة النقابية، لا سيما في التعليم الثانوي الرسمي، مشرذمة هي الأخرى، وفشلت في توحيد جبهتها، إذ لم يتجاوز الحراك المشترك بين التيار النقابي المستقل ولقاء النقابيين الثانويين ولجان الأقضية في الثانويات اعتصاماً يتيماً أمام وزارة التربية. في هذا الوقت، تبقى تعليقات الأساتذة المعترضة على أداء من يفاوض باسمهم أسيرة مواقع التواصل الاجتماعي ولا تجد طريقها إلى التحركات الميدانية.
التعليم الأساسي الرسمي فكّ الإضراب على وعد لوزير التربية عباس الحلبي بإعطاء القطاع تقديمات تتضمن 90 دولاراً وفق سعر السوق الموازية، ونصف أساس راتب شهرياً، على أن لا يقل عن مليون ليرة ولا يزيد على مليونين، ورفع بدل النقل إلى 60 ألف ليرة. وبررت رابطة المعلمين العودة إلى التعليم بالحرص على المدرسة الرسمية والشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه التلامذة وأهاليهم، وليس ضعفاً أو تراجعاً.
رابطة موظفي الإدارة العامة تغرّد في سربها الخاص وتتجه إلى تصعيد موقفها في المؤتمر الصحافي الذي تعقده اليوم، إذ ينتظر أن تعلن الإضراب المفتوح في الإدارات العامة، على قاعدة أن «لا إدارة جيدة من دون موظف مرتاح»، كما تنفذ اعتصاماً غداً أمام سرايا طرابلس.