النقد الجديد في الأسواق… أسباب وتداعيات

بدأت العملة المطبوعة حديثاً في النزول الى الأسواق تباعاً، وهناك علامات استفهام كثيرة حول الظروف التي استدعت طباعة كميات كبيرة من العملة الوطنية، وحول تداعيات ضَخ هذه الكميات في السوق المحلي.

أعلن مصرف لبنان، في إعلام للجمهور امس، أنه سيضع في التداول اعتباراً من اليوم 21/1/2020 ورقة من فئة الـ50000 ليرة بتاريخ إصدار جديد هو 1/1/2019، من دون تعديل في الشكل والمواصفات، وذلك إلى جانب الأوراق النقدية المتداولة حالياً من الفئة ذاتها.

من المرجّح أن يلي ذلك طرح جديد من فئة الـ 100000 ليرة في الفترة المقبلة، علماً انه سبق هذا الاعلام، آخر في 5 تشرين الثاني 2019 يعلن انه سيضع في التداول اعتباراً من 6 تشرين الثاني الماضي اوراقاً نقدية جديدة من فئة 20000 بتاريخ اصدار جديد هو 1/1/2019، وذلك إلى جانب الأوراق النقدية المتداولة حالياً من الفئة ذاتها.

وبذلك يقوم مصرف لبنان بتعويم السوق بكمية كبيرة يصعب تقديرها من السيولة بالعملة المحلية، حيث أصدر في شهر واحد ما لا يقل عن تسلسلين من الرموز C/04 C/05 من فئة الـ20 ألف ليرة، علماً انّ الفترة الطبيعية لطرح تسلسلين لا تقلّ عن 3 الى 4 اعوام. فيما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في آخر اطلالة اعلامية، انه خلال 3 أشهر خرج من القطاع المصرفي الى السوق اموال بالليرة اللبنانية اكثر مما خرج في غضون 12 سنة، وفي كانون الاول الماضي وحده خرج الى السوق ما قيمته مليار دولار من السيولة بالعملة المحلية.

وبالتالي، فإنّ اصدار هذه الكميات الكبيرة من النقد المحلي، والتي بلغ حجمها 9 أطنان أي ما يوازي وفقاً للتقديرات 19 ألف مليار ليرة، يعكس ارتفاع الطلب على سحب الودائع بالعملات الاجنبية بالليرة اللبنانية، الى جانب أسباب اخرى فنّدها الخبير الاقتصادي بيار الخوري بالتالي:

1- هناك حاجة للسيولة بالليرة اللبنانية بسبب التضخم الذي بلغت نسبته 40 في المئة، مما يعني انّ الكتلة النقدية يجب ان تواكب هذا التضخم ليرتفع حجمها بنسبة 40 في المئة.

2- وسيلة الدفع المزدوجة التي كانت متوافرة في السابق بالدولار وبالليرة، لم تعد متوافرة اليوم. وبالتالي لم تعد الدولارات مستخدمة كوسيلة دفع وتبادل ضمن العمليات التجارية اليومية، وأصبح هناك حاجة لسيولة بالليرة اللبنانية تغطي فقدان الدولار بالأسواق.

3- زيادة الحاجة للسيولة بالعملة المحلية بهدف المضاربة نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.

وفيما أشار الى انّ طبع كميات جديدة من العملة هو نتيجة التضخم، سأل الخوري عن اتّجاه التضخم في المرحلة المقبلة، «حيث انّ افضل التوقعات تشير الى انّ سعر صرف الليرة سيتراجع الى 3000 او 5000 للدولار الواحد، وقد يهبط أكثر وفقاً لتدهور الوضع السياسي». وقال: «لمواكبة التضخم هناك حاجة لوجود سيولة بالليرة اللبنانية. وفي حال هبط سعر الليرة الى 5000، هناك حاجة لسيولة بالعملة المحلية توازي ثلاثة أضعاف ونصف ما كان عليه حجم تلك السيولة منذ 4 أشهر».

وأشار الى انّ التضخم اليوم مرتبط بعناصر سياسية وليس بالتحليل الاقتصادي الذي يعتمد اليوم على المخاطر السياسية في البلد، والآخذة في الارتفاع بشكل جنونيّ.

في الختام، لفت الخوري الى انه في حال حصول تضخّم جامح Hyperinflation فإنّ البنك المركزي قد يعمد الى طباعة أوراق نقدية جديدة من فئة الـ500 الف والمليون ليرة، «وقد يكون قد استبق الوضع وقام بطباعتها تحسّباً للسيناريو الأسوأ».

 

مصدررنى سعرتي- الجمهورية
المادة السابقةعقد الخلوي: شقير يرفض تحمّل مسؤولية تطبيق القانون!
المقالة القادمةد. كامل وزنه: القطاع العام مهدد بلقمة عيشه ومصيره