رأت الهيئات الاقتصادية اللبنانية أن “الانخراط في برنامج لصندوق النقد الدولي قد يشكّل الخيار الأسلم للخروج من مشكلاتنا، إذ أن لبنان بحاجة إلى مؤسسة دولية ذات صدقية في إمكانها مساعدة الدولة على وضع رؤية متكاملة لمثل هذه الأزمة العميقة والمتشعّبة التي يمرّ فيها لبنان”.
وأكدت “الحاجة الماسّة إلى صندوق استقرار نقدي برأس مال 25 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، لضخّ السيولة في القطاع المصرفي لتمويل الاقتصاد وزيادة الرسملة وتعزيز احتياطي مصرف لبنان… ونحن بحاجة ماسة إلى إصلاحات بنيوية جذرية بالتوازي مع توفير السيولة لإعادة تشغيل الاقتصاد”. وكانت الهيئات عقدت اجتماعاً أمس في مقرّ غرفة بيروت وجبل لبنان برئاسة رئيسها الوزير السابق محمد شقير ومشاركة الأعضاء، تمّ خلاله عرض جوانب الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والضغوط التي تتعرّض لها القطاعات الاقتصادية على اختلافها والمؤسسات، والتي تُنذر بمزيد من الإقفالات وارتفاع معدلات البطالة.
وأعادت الهيئات الاقتصادية “التركيز على الخطة التي أعدتها تحت عنوان: “خطة عمل الهيئات الاقتصادية لمواجهة الأزمة” بمساعدة خبراء كونها تشكل خريطة طريق لمواجهة التحديات والعودة الى طريق التعافي والنهوض”. واعتبرت أن “طلب الدولة من صندوق النقد الدولي إعطاء النصح والمشورة لمواجهة الأزمة يشكّل الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح”.
وورد في خطة عمل الهيئات لمواجهة الأزمة أن “لبنان في مهبّ ثلاث أزمات متزامنة: الأولى في ميزان المدفوعات والعملة، الثانية في المالية العامة، والثالثة في السيولة.
وعرضت برنامجاً لثلاث سنوات “للتخفيف من حدّة الأزمة ومعالجة جذور المشكلة ويقوم على:
– إنشاء لجنة تسيير إقتصادية تكون بمثابة لجنة طوارئ وتتمتّع بالصلاحيات اللازمة، لصياغة البرنامج ومناقشته وتطبيقه.
– الشروع في عملية إصلاحية مالية ذات صدقية، تحدث تحوّلاً في الإنفاق العام، الذي يتّسم بالهدر، وقطاع الكهرباء أحد الأمثلة على ذلك.
– التعامل بشكل حاسم مع دين القطاع العام وتحقيق موازنة خالية من العجز للاستغناء عن الاستدانة.
– استبدال الإجراءات الموقتة وذاتية الإدارة المطبَّقة في تقييد حركة الأموال والتعاملات المصرفية.
– إيجاد حلول لديون القطاع الخاص.
– الشروع فوراً بتنفيذ برنامج متكامل لدعم وتحفيز القطاع الخاص. وتحسين بيئة الاعمال والاستثمار، واعادة النظر بالضرائب، اقرار سياسة ضريبية جديدة، تخفيف الاعباء التشغيلية، وتطوير البنى التحتية.
– إعادة الثقة الى القطاع المصرفي بزيادة رؤوس الأموال عبر ضخ الاموال الجديدة من المساهمين الحاليين ومساهمين جدد. وقد يقتضي الامر ايضاً تفعيل عمليات الدمج والتملك.
– صون السلم الاجتماعي من خلال التركيز على العدالة الاجتماعية، من خلال توزيع الخسائر وإنشاء شبكة أمان لمكافحة الفقر ومساعدة العمّال في الانتقال من القطاعات التي تعاني من الأفول إلى القطاعات التي تستفيد من تراجع سعر الصرف.
– إعادة النظر في مزيج سعر الصرف/السياسة النقدية.
– إنشاء صندوق الاستقرار والإصلاح الهيكلي ممتدّ لسنوات عدّة. نتوقّع أن تبرز الحاجة إلى صندوق برأس مال قدره 25 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات. ويمكن استخدامه لرفع الاحتياطات الصافية لمصرف لبنان، وتخفيض الدين العام، والمساهمة في تمويل احتياجات الحكومة العاجلة المرتبطة بالموازنة، وتمويل الحماية الاجتماعية، والمساعدة على إعادة رسملة المصارف. والحصول على هذا النوع من الدعم ممكن من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. مع ذلك، سيتطلّب هذا عملياً برنامجاً لصندوق النقد الدولي كمظلة. ونعتقد أيضاً أن المجال متاحٌ لتمويل هذا الصندوق جزئياً بواسطة الأصول الحكومية والإيرادات التي يؤمَل تحقيقها من قطاعَي النفط والغاز.
– معالجة عجز ميزان المدفوعات بنيوياً، الذي يعاني من العجز الهائل الناتج عن الميزان التجاري وقد بلغ 17 مليار دولار اميركي العام 2017. والتعاون مع جمعية الصناعيين اللبنانيين من اجل: إعداد سياسة انتاجية تهدف الى التعويض عن ضعف مناخ الاستثمار ودعم الصناعات ذات المنشأ الوطني لحين يستعيد اقتصاد الانتاج ميزاته التفاضلية. وإعادة النظر في الاتفاقات التجارية بسبب الضرورة الاقتصادية القصوى واستقلالية القضاء”.