في الآونة الأخيرة، أُثير موضوع الودائع السورية في المصارف اللبنانية من جديد بعد زيارة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إلى سوريا للقاء الرئيس أحمد الشرع الذي طرح عدة ملفات من ضمنها ملف المودعين السوريين. هذا الملف يمكن أن يقسم إلى قسمين الأول يخص المودعين السوريين الشرعيين في لبنان، والثاني يتعلق بالأموال التي وضعها النظام في لبنان، بأسماء أشخاص.
من الناحية المالية والاقتصادية يقول الباحث والخبير الاقتصادي، محمود جباعي لـ “نداء الوطن”: “المودع السوري الشرعي له حق طبيعي في أمواله كما المودع اللبناني وأي مودع آخر، فأمواله مشروعة وموجودة في المصارف اللبنانية وهذا أمر ثابت. واليوم حاول بعض الإعلام القول إن الرئيس السوري أحمد الشرع طالب الحكومة اللبنانية بأموال الحكومة السورية ولكن حسب معلوماتي فإن الرئيس الشرع لم يتحدث مع ميقاتي عن أموال الحكومة السابقة بل تكلم عن ملف المودعين السوريين حيث أن الشرع قال يجب النظر بودائع السوريين وإنصافهم وهو أمر طبيعي أن تطلبه سوريا من لبنان”.
وبينما لا يزال لبنان يخطو أولى خطواته في وضع خطط إصلاحية في كل المجالات وأولها الاقتصاد ومشكلة الودائع التي أنهكت كل طبقاته الاجتماعية، يوضح جباعي أنه في الوقت الراهن “لا يمكن فصل الودائع بين السوريين واللبنانيين أو أي جنسية أخرى لأنه يجب وضع خطة خاصة لحل أزمة جميع المودعين من ضمنهم السوريون وذلك عن طريق إعادة هيكلة القطاع المصرفي ورؤية جديدة لمعالجة الأمر تتحمل فيها الدولة مسؤولياتها لرد أموال المودعين وأيضاً يتحمل المصرف المركزي جزءاً والمصارف الأخرى الجزء الآخر، ففصل الودائع عن بعضها البعض أمر غير قانوني وغير جائز”.
وعن الأرقام التي يتم تداولها عن قيمة أموال المودعين السوريين في لبنان والتي قال الرئيس المخلوع بشار الأسد سابقاً إن قيمتها تبلغ 42 مليار دولار، يقول آخرون إنها تساوي 3.5 مليارات دولار، يؤكد جباعي أنها “أرقام غير صحيحة ومبالغ فيها، حيث أن كل ما تبقى في المصارف اللبنانية تبلغ قيمته 86 مليار دولار وهي عبارة عن 40 مليار دولار أُودعت في المصارف ما قبل 17 تشرين وحوالى 15 مليار دولار تحولت من اللبناني إلى الدولار وهناك مبالغ أخرى مثل صناديق التعويضات أو مبالغ مرتبطة بأشخاص اشتروا شيكات في لبنان، لذلك يجب التدقيق فيها عبر السرية المصرفية ورفعها عن الكل”. ويخلص جباعي إلى “دعوة الحكومة اللبنانية الجديدة والعهد الجديد لمعالجة أزمة المودعين ووضعها ضمن الإطار الصحيح وأن تضمن الحكومة اللبنانية عدم حصول إجحاف في حق المودع السوري أو أي مودع آخر حيث أن ذلك واجب قانوني وأخلاقي”.
أما في الشق القانوني، وبالنسبة لما يتم التداول به حول وجود أموال للنظام السوري السابق، يقول المحامي محمد صبلوح لـ “نداء الوطن”: “إذا كان مسؤولو النظام السابق عليهم دعاوى قضائية تستطيع الدولة السورية أن تطالب من خلالها القضاء اللبناني بتسليم الأموال ومصادرتها”. وإذا كان النظام السوري السابق وضع جزءاً من أمواله بأسماء أشخاص لبنانيين، يقول صبلوح: “هناك ما يسمى بـ “الدعاوى الطليانية” من خلالها يمكن إثبات تهريب هذه الأموال من رؤوس النظام إلى أسماء لبنانية وذلك عن طريق مراقبة المعاملات التجارية ويمكن تحصيلها بالقضاء”. ختاماً، يبقى ملف الودائع السورية عالقاً بين المطالبات الشرعية والعقوبات الدولية. فهل تتجه الحكومة اللبنانية الجديدة إلى حل شامل يضمن حقوق جميع المودعين، أم يبقى الملف رهينة التجاذبات السياسية؟