فقد المودعون بارتفاع سعر صرف الدولار حوالى 82.8 في المئة من قيمة ودائعهم، والإقتطاع العشوائي لن يطول ليصل إلى 100 في المئة مع انخفاص سعر الصرف إلى حدود 18300 ليرة. هذه العملية المقصودة والممنهجة برأي الكثير من الخبراء لن تتوقف إلا بعد تصفير الديون على مصرف لبنان والقطاع المصرفي. وبحسب الخبير الإقتصادي دان قزي فان “الودائع بالدولار ستفقد قيمتها كلياً بعد ان يتم القضاء على احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية والذهب، والمقدر نظرياً بـ33 مليار دولار. فمع كل مليار دولار تصرف شهرياً، يخسر المودعون 1 في المئة من قيمة ودائعهم بالدولار. من بعدها يصبح دولار المصارف او “اللولار” يساوي 1500 ليرة مقسومة على سعر الصرف بالسوق الموازية، أي أنه يصبح موازياً لسعر صرف الليرة.
في الوقت الذي يضحك فيه المركزي “بعبّه” لنجاح خطته باستيعاب خسارته وخسائر المصارف، يبكي المودعون وعموم اللبنانيين “دماً” على انهيار سعر الصرف. فمن بعد أن كان يباع الدولار المصرفي عبر الشيكات بـ 50 في المئة من قيمته تدرجت هذه النسبة بالانخفاض حتى وصلت اليوم إلى 20 في المئة… وغداً أقل بكثير. وعلى الرغم من انخفاضها العكسي مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، فان العملية مستمرة خصوصاً بعدما تحول اللولار إلى عملة “مونوبولي” لا يمكن التداول به خارج حدود اللعبة المرسومة بدقة.
ما يجري اليوم تنبأ به صندوق النقد الدولي منذ حوالى 10 أشهر. ففي جلسة أيار العام الفائت توجه رئيس بعثة الصندوق إلى رياض سلامة بالقول: إن “تخفيض سعر الصرف لتسوية حسابات المركزي سيكون كارثياً على المواطنين”. حينها “كانت آمال الحاكم مبنية على تخفيض سعر الصرف إلى 10 آلاف ليرة”، بحسب المحلل الإقتصادي محمد زبيب، “إلا ان دخول العديد من العوامل والتعقيدات الداخلية والخارجية على خط سعر الصرف رفعه إلى أكثر بكثير مما طمح اليه الحاكم، وجعل اللعبة تفلت من بين يديه.
الظاهر ان رسن سعر الصرف لم يعد ممسوكاً من أحد. ولجْم الدولار الهائج لم يعد موضوعاً تقنياً، بل هو يتطلب معجزة من أصل اثنتين. إما تدخل خارجي وتوفير تمويل كبير جداً بالنقد الأجنبي، وهذا ما لا رغبة ومصلحة لأحد بالقيام به. وإما حل داخلي، من الصعب تأمين شروط نجاحه لانه يرتب على القوى السياسية، بحسب زبيب، “تنازلات لن يرضوا بها”. وعليه فان الحل أصبح كـ”الحجر” بين “شاقوفي” المساعدة الخارجية والتغيير الداخلي، اللذين لن يتحققا في المدى القريب.