تُصارع دول المنطقة من تركيا الى مصر للمحافظة على استقرار سعر الصرف لتجنب خضات اقتصادية واجتماعية ولكن من دون جدوى. وذلك أن جميع السياسات الاقتصادية المتبعة تركّز على رفع أو تخفيض سعر الفائدة، وهي سياسة تتبعها المصارف المركزية لتأمين استقرار النقد. المشكلة برأيي في مكان آخر وهي العجز في ميزان المدفوعات!
لن أدخل في تفاصيل تقنية عن محتوى هذا الميزان، وسأبسّطها لأقول بأنه كمية العملات الصعبة التي تدخل وتخرج من بلد. فإذا خرجت دولارات من بلد أكثر من الكميات التي تدخل اليه يزداد العجز، وبالتالي تصبح الدولارات نادرة ويزداد الطلب عليها وتتدهور العملة المحلية.
الوصفة السحرية هي باتباع سياسة تلغي العجز في ميزان المدفوعات، وهي استراتيجية يتبعها صندوق النقد في الخطط الاقتصادية التي يفرضها على بلدان متعثرة.
كيف نلغي العجز في ميزان المدفوعات في بلد مثل لبنان بلغ العجز فيه 3 مليارات دولار العام الماضي:
1 – كابيتال كونترول لمدة سنتين، حيث نمنع تهريب الدولارات لحين استقرار الاقتصاد.
2 – إتباع حمية في الاستيراد من خلال سياسة اقتصادية برفع الجمارك على الكماليات والسيارات والسلع المنتجة محلياً.
3 – فرض رسوم على المسافرين.
4 – فرض رسوم مرتفعة على العمالة الاجنبية وعلى تحويلاتها الى الخارج.
5 – إنشاء مناطق حرة بصفر ضرائب لتشجيع الاستثمار.
6 – إنشاء مناطق صناعية في البقاع على مشاعات الدولة بإيجارات زهيدة مع تأمين كهرباء شبه مجانية من الطاقة الشمسية.
7 – دعم الانتاج والصناعة المحلية.
8 – تحويل مكبّ برج حمود الى منطقة سياحية وإعطاء الاراضي مجاناً لمستثمرين في القطاع الفندقي لإنشاء المنتجعات السياحية والمطاعم.
9 – تنفيذ المراسيم التطبيقية لزراعة الحشيشة.
10 – تشجيع السياحة الدينية.
هذه عيّنة من الوصفة السحرية التي ستلغي العجز في ميزان المدفوعات، من بعدها سيتضاءل دور مصرف لبنان في المحافظة على استقرار سعر الصرف.
من سيفرض هذه الاصلاحات؟ فمعظم الموجودين في السلطة فاسدون أو مستفيدون من المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها البلد.
المسؤولون ليس لديهم بعد نظر. فبدل أن يتلهوا بسرقات السنتات، يمكنهم أن يبنوا بلداً لأولادهم وأحفادهم ويذكرهم التاريخ بأنهم بنوا وعمّروا، مثلما فعل فؤاد شهاب الذي يذكره التاريخ لغاية اليوم بأنه آدمي بنى مؤسسات وعمّر.
بينما سيذكر التاريخ الموجودين اليوم بأنهم دمّروا وسرقوا ليس فقط مقوّمات البلد، بل أيضاً جنى عمر الناس في المصارف وسرقوا مستقبل أجيال وهجّروا أبناء هذا البلد وفرّقوا عائلاته.
حدسي يقول بأنّ الحساب قريب ونادراً ما يخطئ حدسي!