الوكالات الحصريّة ملغاة والمشكلة عالقة في النفوس لا في النصوص

في العام 1983 دخل مكتب وزير الاقتصاد والسياحة إبراهيم حلاوي أحد تجار الملبوسات حاملاً معه سروالي «جينز» متطابقين. الأول هو اشتراه ويبيعه بـ 15 ليرة، فيما الثاني مستورد من قبل الوكيل الحصري ويباع بـ 70 ليرة. وضعهما أمام الوزير سائلاً إيّاه: «أيعقل أن يغرّموني بالمبلغ المرقوم لأني أبيع السروال بالسعر العادل، فيما يحمي قانون الوكالات الحصرية التاجر الذي يبيعه بأضعاف مضاعفة؟». فما كان من الوزير إلّا أن أعدّ مشروعاً جديداً لحيازة السلع والمواد والحاصلات والاتجار بها يتضمن إلغاء الوكالات الحصرية ومنع الاحتكار. وبالفعل صدر في 9 أيلول 1983 المرسوم الاشتراعي رقم 73 حول حيازة السلع والمواد والحاصلات والاتجار بها، لاغياً بذلك المرسومين الاشتراعيين السابقين، 189 و32 تاريخ 1942 و1967 على التوالي.

وَصَفت المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 73 الاحتكار على أنه:

– كل اتفاق أو تكتل يرمي للحدّ من المنافسة في إنتاج السلع والمواد والحاصلات أو مشتراها أو استيرادها أو تصريفها، ويكون من شأنه ارتفاع سعرها ارتفاعاً مصطنعاً، أو الحيلولة دون تخفيض هذه الأسعار.

– كل اتفاق أو تكتل يتناول الخدمات بغية الحدّ من المنافسة في تأديتها، ويكون من شأنه تسهيل ارتفاع بدلاتها بصورة مصطنعة أو الحيلولة دون تخفيض البدلات.

– كل عمل يرمي إلى تجميع المواد أو السلع أو الحاصلات أو إخفائها بقصد رفع قيمتها، أو بغلق مكاتبه أو مستودعاته لأسباب غير مشروعة بغية اجتناء ربح، لا يكون نتيجة طبيعية لقاعدة العرض والطلب.

فيما نصت المادة 15 على أن «كل عمل من الأعمال المبيّنة في المادة 14 يعتبر باطلاً حكماً بالنسبة للمتعاقدين أو المتكتلين، سواء أكان هذا ظاهراً أم مستتراً ولا يجوز لهم التذرع بهذا البطلان إزاء الغير للتنصل من مسؤولياتهم».

بالرغم من كل نصّ مخالف، لا يسري بند حصر التمثيل التجاري على الأشخاص الثالثين، إلا إذا أعلنه الوكيل بقيده في السجل التجاري وعلى المواد المصنّفة من الكماليات دون سواها.

إنطلاقاً من هذا المرسوم الاشتراعي الذي عدلت فيه مواد أخرى في العام 1991، يعتبر الوزير إبراهيم حلاوي أن «الوكالات الحصرية ملغاة أساساً، وليس هناك ما يبرّر إعادة فتح الملف والاختلاف عليه». والمشكلة برأي حلاوي أن «لا أحد يطلع على النصوص». أما بخصوص الكماليات، فتحديدها يعود إلى وزير الاقتصاد، ويتّخذ القرار من خلال لجنة مؤلفة من أرباب عمل وممثلي العمال.

من الجدير ذكره أنه لا يوجد وكالات حصرية في استيراد وتوزيع المواد الغذائية ومواد التنظيف. وعادة ما تكون الوكالة الحصرية على الكماليات وتصلح على البضائع الجديدة فيما ترفع تلقائياً عن تلك التي يتجاوز عمرها بضع سنوات. ولا سيما في مجال الملبوسات والأكسسوارات والسيارات والهواتف… وخلافه الكثير من السلع والمواد. عدا ذلك فإن المطلب بإلغاء الوكالات الحصرية هو موقف شعبوي يهدف إلى التعمية عن المشكلة الأساسية المتمثلة في تراخي الدولة وعجزها الفاضح عن ملاحقة المحتكرين وتوقيفهم.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةمصر توقع اتفاقية لإنشاء منطقة لوجستية في دولة إفريقية
المقالة القادمةوضع المياومين النظامي متوافق مع أنظمة صندوق الضمان