يسير اليورو في طريقه للأسبوع الثامن على التوالي من الخسائر مقابل الدولار، حيث يستجيب المستثمرون للفجوة الآخذة في الاتساع بين الاقتصاد المتعثر في منطقة اليورو والنمو الأكثر قوة في الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن العملة الأوروبية فقدت أكثر من 5 في المائة منذ منتصف يوليو (تموز) ليتم تداولها عند 1.0707 دولار بعد ظهر يوم الجمعة.
ويعكس الانخفاض المطرد الشكوك المتزايدة حول ما إذا كان المصرف المركزي الأوروبي سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعه الأسبوع المقبل وسط مؤشرات واسعة النطاق على أن اقتصاد منطقة اليورو يتجه نحو الانكماش.
وأظهرت الأرقام، يوم الخميس، أن الإنتاج الصناعي في ألمانيا -محرك النمو التقليدي لمنطقة اليورو- انخفض للشهر الثالث على التوالي في يوليو.
وفي الوقت نفسه، انخفضت مطالبات البطالة الأميركية بشكل غير متوقع، وهي أحدث علامة على المرونة في سوق العمل.
ومن المرجح أن يشجع ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع لفترة أطول، مما يعزز جاذبية الدولار. كانت الأسهم الأوروبية ثابتة يوم الجمعة، بعد سلسلة خسائر استمرت سبعة أيام.
ونقلت «فاينانشيال تايمز» عن كريس تيرنر، وهو رئيس استراتيجية الفوركس في «إنغ»، قوله: «البيانات الأميركية لا هوادة فيها، وهي تأتي في وقت يكون فيه قطاع التصنيع الأوروبي ضعيفاً للغاية… هناك شكوك حول ما إذا كان المصرف المركزي الأوروبي يمكنه الضغط باتجاه زيادة أخيرة واحدة».
وتشير أسواق المشتقات المالية إلى احتمال أن يرفع المصرف المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع من 3.75 في المائة إلى 4 في المائة في 14 سبتمبر (أيلول).
وتراجعت هذه الفرص بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة في الأسابيع الأخيرة. فقد تم تعديل الرقم الرسمي للنمو في الربع الثاني من منطقة اليورو من 0.3 في المائة إلى 0.1 في المائة، وتشير استطلاعات الأعمال إلى مزيد من التباطؤ في أغسطس (آب).
وقال ديرك شوماخر، وهو موظف سابق في المصرف المركزي الأوروبي يعمل الآن خبيراً اقتصادياً في بنك ناتيكسيس الفرنسي: «لا يبدو الأمر جيداً للاقتصاد، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التضخم».
وتوقع أن يختار المصرف المركزي الأوروبي «وقفة متشددة» لا يرفع فيها أسعار الفائدة ولكنه يوضح أنه لا يزال قلقاً للغاية بشأن التضخم ومستعداً لاستئناف التشديد إذا أصبحت ضغوط الأسعار أكثر عناداً.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن شوماخر قوله: «من شأن ذلك أن يُبقي السوق على أصابع قدميها، بدلاً من الارتفاع، الذي سيفترض المستثمرون على الفور أنه الأخير».
ويعتقد بعض المستثمرين أن علامات الركود التي تَلوح في الأفق في أوروبا ستجعل من الصعب على المصرف المركزي الأوروبي رفع تكاليف الاقتراض مرة أخرى، حتى لو كان يعتقد أنه من الضروري خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة. ولا يزال التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والمواد الغذائية الأكثر تقلباً ويراقبه المصرف المركزي عن كثب، أعلى بكثير من الهدف عند 5.3 في المائة.
وقال توماس ويلاديك، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «تي رو برايس»: «زيادة أخرى في سعر الفائدة يمكن أن تؤدي في الواقع إلى نتائج عكسية لأنه إذا تم دفعها إلى درجة الركود، فهذا يعني أنه سيتعين عليهم (المصرف المركزي) خفض المزيد في المستقبل… هذا خطر كبير وأعتقد أنهم ربما بنوا لأنفسهم فخاً، وكانت البيانات الأخيرة متشائمة جداً».
قد يؤدي المزيد من ضعف اليورو إلى تعقيد مهمة المصرف المركزي الأوروبي في مكافحة التضخم من خلال رفع تكلفة الواردات، مثل الطاقة والمنتجات الغذائية.
ويتحدث بعض المستثمرين الآن عن منطقة اليورو التي تشهد فترة من الركود التضخمي -ارتفاع التضخم جنباً إلى جنب مع ركود النمو الاقتصادي.
وقال مايكل ميتكالف، رئيس الاستراتيجية الكلية في «ستيت ستريت غلوبال ماركتس»: «مع استمرار التضخم في منطقة اليورو فوق المتوسط والنمو أقل بكثير، من الواضح أنه وفقاً لمعظم التعريفات، تعاني منطقة اليورو من الركود التضخمي».
ويتوقع المستثمرون أن يواصل الدولار انتعاشه من فترة ضعف في وقت سابق من هذا العام، حيث يوفر الاقتصاد الأميركي القوي حافزاً ضئيلاً للولايات المتحدة لخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب، وهي خطوة دفع باتجاهها رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول باستمرار.
ويتوقع المستثمرون أن يكون «الاحتياطي الفيدرالي» قد أنهى على الأرجح رفع أسعار الفائدة، لكنَّ المتداولين يراهنون الآن على أنه لن يبدأ في خفض أسعار الفائدة حتى منتصف العام المقبل. في الآونة الأخيرة في يونيو (حزيران)، كانت أسواق المقايضات تسعر تخفيضات أسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام.