في اليوم الأول لرفع سعر الصرف الرسمي ودولار المصارف الى 15 الفاً، سادت حال من الفوضى والترقب الاسواق كان نجمها دولار السوق السوداء الذي ارتفع من 57800 ليرة مساء يوم الثلاثاء الى عتبة الـ63 الفاً أمس. فهل يواصل ارتفاعه في الأيام المقبلة؟
حال من الترقّب والخيبة والتخبّط سادت أمس الاسواق المالية في اليوم الاول لبدء العمل بدولار الـ15 الفاً في المصارف، فالمودع او الموظف الذي توقف عن سحب أمواله من المصارف ريثما تستعيد أمواله شيئاً من قيمتها التي فُقِدت مع استمرار احتساب الدولار وفق سعر 8000 ليرة، فوجئ أمس بوقف أعمال «صيرفة» للقطاع الخاص وبخفض سقف السحوبات بطلبٍ من مصرف لبنان. رغم ان هذه الاخيرة كانت متوقعة كأحد التدابير التي من شأنها ان تحدّ من الكتلة النقدية في السوق، الّا انه كان لخفض سقف السحوبات الى النصف وقعه السيئ، لا سيما انّ الهيركات شمل الرواتب التي هي في الاساس ما عادت عادلة ولا ذات قيمة حتى انها اصبحت اقل من قيمة فاتورة مولّد. فكيف يمكن تأمين استمرارية اليد العاملة اللبنانية المَحجوب عنها راتبها كاملاً ويحتسب وفق دولار 15 الفاً فيما الفواتير تدفع على دولار صيرفة، أي 38 الفاً حتى اليوم، ولا احد يعلم متى ترفع، وان يشتري حاجياته وفق دولار 64 الفاً؟
في المحصّلة، هناك ثلاث ملاحظات في اليوم الاول لتطبيق دولار الـ15 الفا في المصارف:
– خفض سقف السحوبات: لجأت المصارف أمس الى خفض سقف السحوبات المسموح بها شهرياً لتبقى كميات سحب الاموال النقدية نفسها. وبالتالي، لن يستفيد المودع من اي زيادة بالسحوبات إن كان بالليرة أو بالدولار، فسحوباته ستبقى نفسها. على سبيل المثال انّ راتباً بقيمة 1000 دولار بات يساوي 15 مليوناً بدلاً من 8 ملايين، لكن مع التدبير الجديد سيحصل المودع على القيمة نفسها التي كانت تحقّ له في السابق، أي 7 ملايين ونصف يمكن سحبها كاش، كما لوحِظ انه كان يسمح للمودع ان يحوّل الى حدود 24 مليوناً شهرياً الى البطاقة المصرفية الّا انّ هذه الحصة تقلّصت الى 7 ملايين ونصف.
موظفو القطاع الخاص
فوجىء موظفو القطاع الخاص أمس بتوقّف استفادتهم من دولار «صيرفة» ما يعني انه سيكون عليهم سحب راتبهم بالليرة اللبنانية كاملة مع سقف مخفض للسحب، في حين انّ دولار «صيرفة» سيظل مُتاحاً لموظفي القطاع العام والعسكريين، ما يخلق مرة جديدة تَمايزاً بين موظفي القطاعين، علماً ان لا مجال للمقارنة بين شروط عمل القطاعين وإنتاجيتهم، خصوصاً انّ موظفي العام في إضراب مستمر ومَن يداوم لا يحضر الى العمل أكثر من ثلاثة ايام في الاسبوع. فلماذا هذا التمييز؟ ألا يكفي انّ كل الضرائب التي فرضتها الدولة مؤخراً والدولار الجمركي هي لتمويل القطاع العام؟
دولار السوق السوداء
كان من تداعيات ارتفاع الدولار الرسمي الى 15 الفاً ارتفاع سعر الدولار في السوق بحدود 5 آلاف ليرة في أقل من 24 ساعة. ليل الثلاثاء، اقفل دولار السوق السوداء على 57800 ليرة للبيع و58 الفاً للشراء، ليبدأ يوم أمس بارتفاعات متتالية لسعر الصرف استمرت طوال اليوم ليسجّل الدولار في السوق السوداء عصراً 63 الفاً.
قد يكون تَوقّف استفادة القطاع الخاص من «صيرفة» أحد العوامل التي ساهمت في رفع الدولار أمس، إنما لا يمكن فصل هذا الارتفاع عن استمرار تدهور الاقتصاد اللبناني من دون اي خطط انقاذية حتى الساعة، أضف الى ذلك فشل إجراء الطلب من السلطة التنفيذية والقضائية بملاحقة الصرّافين غير الشرعيين والمضاربين على غروبات الواتس آب، والذي لم يعوّل عليه أساساً لخفض الدولار والغاية منه إيهام الناس بأنه لا زال ممكناً لجم انهيار الليرة، علماً انه سبق للدولة ان اتخذت خطوة مشابهة عندما كان لا يزال الدولار في السوق السوداء بـ 3000 و 4000 ليرة، فكيف الحال اليوم مع دولار 63 الفاً ؟.