أشار تقرير للمصرف الاستثماري العالمي “Barclays Capital” إلى أن مشروع موازنة العام 2019 يهدف إلى تقليص العجز في المالية العامة إلى نسبة 7,6% من الناتج المحلي الإجمالي من عجز محقّق قدره 11,5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2018 وهو العام الذي شهد تدهور ملحوظ في المالية العامة. واعتبر أن تخفيض العجز بنسبة 3,8% من الناتج المحلي الإجمالي هدف طموح ولكنه ليس غير مسبوق، بحيث حققت الحكومات السابقة نتائج مماثلة في العامين 2004 و2007. كما أشار إلى أن مساهمة تخفيض الإنفاق في تقليص العجز في المالية العامة جاءت ضئيلة، على الرغم من أن نسبة إنفاق الحكومة اللبنانية إلى الناتج المحلي الإجمالي تُعد من الأعلى بين نظرائها الإقليميين كالأردن، والمغرب وتونس، في حين أن نسبة الإيرادات إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان هي أقلّ بكثير. وقد وردت نتائج التقرير في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week.
في موازاة ذلك، قال المصرف الاستثماري أن العديد من بنود الموازنة قد رُحِلت للنقاش في المستقبل، بما في ذلك التدابير الرامية إلى اصلاح نظام التقاعد للقطاع العام، وأشار إلى أن التخفيضات المقترحة لأجور ورواتب موظفي القطاع العام أثارت موجة من الإضرابات التي استمرّت لأسابيع عدة. وقال أن الحكومة قد التزمت بوقف التوظيف في الإدارات العامة لمدة ثلاث سنوات وبوضع حدّ أقصى لتعويضات وملحقات الرواتب التي يستفيد منها العاملون في الإدارات العامة. وأضاف أن المعاش التقاعدي لموظفي القطاع العام سيخضع لضريبة الدخل السائدة. وأشار إلى أن لجنة المال والموازنة كشفت عن أكثر من 37,000 حالة توظيف في الإدارات العامة تمّت بشكل غير قانوني، و5,000 منها تمّت خلال فترة تجميد التوظيف الذي نصّ عليه قانون سلسلة الرتب والرواتب في تموز 2017. وبذلك، رأى المصرف أن تطبيق موازنة العام 2019 يواجه تحدّيات مرتبطة بالممارسات السابقة، الأمر الذي يتطلّب رقابة صارمة على التوظيف في القطاع العام.
بالإضافة إلى ذلك، أشار Barclays إلى أن تخفيض تكاليف خدمة الدين العام والضرائب الجديدة على الواردات ستشكّل أهمّ التعديلات في المالية العامة هذا العام. وقالت أنه طبقًا لوزارة المالية، فإن إصدار حوالي 12 تريليون ليرة لبنانية لسندات خزينة بالليرة اللبنانية بمعدل فائدة %1 سيوفّر للخزينة حوالي تريليون ليرة لبنانية، أو663 مليون دولار في العام 2019. وأشار إلى أن هذا الأمر سيتطلّب مساهمة كبيرة من المصارف المحليّة، ما سيلقي بثقله على هوامش إيرادات هذه المصارف. وبموازاة ذلك، توقّع المصرف أن يؤدي رفع الرسوم الجمركية بنسبة 2% على الواردات إلى إضافة مبلغ 450 مليار ليرة لبنانية، أو 300 مليون دولار إلى واردات الخزينة. واعتبر أن زيادة الرسوم الجمركية سيساعد على تقليص عجز الحساب الجاري. ومع ذلك، أشار المصرف إلى أن هذه الزيادة لا تتناول إعادة توزيع الموارد نحو القطاعات الأكثر تنافسية. على هذا النحو، أشار المصرف إلى أن القطاعات العشرة الأولى ذات الميزة التفضيلية النسبية (Comparative Advantage) الأعلى لا تمثل سوى 14,3% من إجمالي الصادرات، وهي نسبة أعلى بقليل من نسبة القطاعات العشرة ذات الميزة التفضيلية الأدنى، والتي تمثل 12% من إجمالي الصادرات.
واعتبر Barclays أن السياسة المالية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في توزيع الموارد. وأشار إلى أن حجم تقليص العجز المتوقّع في موازنة العام 2019 سوف يرتكز بشكل أساسي على وتيرة ونوعية الضبط في المالية العامة. واعتبر أن تقليص العجز في موازنة العام 2019 إلى 7,6% من الناتج المحلي الإجمالي يقلّل الضغوطات على المالية العامة في المدى القريب، وسيوفّر المزيد من الوقت لمعالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد.