انكماش الصناعة يضعف الآمال في انتعاش وشيك للاقتصاد العالمي

عانى التصنيع العالمي في الشهر الماضي بشدة منذ مطلع 2022 بعدما تركت الأسعار المرتفعة والتوقعات الاقتصادية الأكثر قتامة المستهلكين قلقين من إجراء عمليات الشراء، بينما أدى الإغلاق الصارم في الصين وحرب أوكرانيا إلى اضطرابات في سلسلة التوريد.

وأظهرت الدراسات الاستقصائية أن النشاط في المصانع بدءا من الولايات المتحدة مرروا بمنطقة اليورو ووصولا إلى الصين وصل إلى المستويات التي شوهدت لآخر مرة خلال الموجة الأولى من الوباء.

وكانت هذه أحدث العلامات التي تشير إلى خطر حدوث ركود شامل في الاقتصاد العالمي بعد أن قال كبار صانعي الرقائق في العالم إنهم يواجهون تراجعا في الطلب، وحذر محافظو البنوك المركزية من ارتفاع مؤلم في أسعار الفائدة في المستقبل.

وقال ستيفن إينيس من أس.بي.آي أسيت مانجمنت لرويترز “بين البنوك المركزية التي تسعى لمواجهة التضخم والمخاوف المتزايدة، لا يوجد أي طريق على الإطلاق إلى هبوط ناعم للاقتصاد العالمي، هناك القليل من الأماكن للاختباء، إن وجدت”.

ورافق التباطؤَ في الولايات المتحدة انخفاضٌ في الطلبات الجديدة والتوظيف. فقد انخفض مؤشر معهد إدارة التوريد لنشاط المصانع إلى 53 نقطة في يونيو الماضي، وهي أدنى قراءة منذ يونيو 2020، من 56.1 في مايو. وانكمش مقياس مؤشر الطلبات الجديدة لأول مرة منذ عامين، في حين ظل التوظيف ضعيفا.

وكانت الصورة قاتمة بنفس القدر في منطقة اليورو، حيث تباطأ الإنتاج الصناعي أيضا. فقد انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز غلوبال لمديري المشتريات التصنيعي (بي.أم.آي) إلى 52.1 نقطة في يونيو من 54.6 نقطة في الشهر السابق، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس 2020.

ويشكك أندرو هانتر كبير الاقتصاديين الأميركيين في كابيتال إيكونوميكس في أن تتحسن آفاق التصنيع في أي وقت قريب.

وقال “بينما تشير أحدث استطلاعات لمؤشر مديري المشتريات من الصين إلى أن النشاط الصناعي هناك ينتعش بسرعة مع رفع الإغلاق، فمن غير المرجح أن يستمر هذا
التسارع”.

وأظهرت تقديرات استنادا على الأرقام الرسمية التي تم جمعها أن نشاط المصانع في الصين تعافى في يونيو الماضي، على الرغم من التباطؤ في اليابان وكوريا الجنوبية.

كما أن الانكماش الصناعي في تايوان سلط الضوء على الضغط الناجم عن اضطرابات الإمدادات وارتفاع التكاليف ونقص المواد المستمر.

وفي اجتماع لرؤساء البنوك المركزية في البرتغال الأسبوع الماضي، أوضح رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أن خفض التضخم المرتفع يمكن أن يضر بشدة ولكن يجب القيام به بسرعة لمنع نمو الأسعار السريع من أن يصبح راسخا.

وتشير الدلائل المستمدة من الاقتصاد الحقيقي إلى أن الأسعار المرتفعة تؤثر بالفعل في طلب المستهلكين والشركات.

وأطلقت شركة ميكرون تيكنولوجي أحدث تحذير من صانعي الرقائق في العالم، حيث توقعت إيرادات أسوأ من المتوقع للربع الثاني من 2022، مشيرة إلى أن السوق “ضعفت بشكل كبير في فترة زمنية قصيرة جدا”.

والخميس الماضي قال مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لميتا المجموعة الأميركية العملاقة مالكة فيسبوك للموظفين، إنها خفضت خطط توظيف مهندسين بنسبة 30 في المئة على الأقل هذا العام.

وقال زوكربيرغ للعاملين في جلسة أسئلة وأجوبة أسبوعية سمعت عنها رويترز “إذا اضطررت للمراهنة، فسأقول إن هذه قد تكون إحدى أسوأ فترات الركود التي شهدناها في التاريخ
الحديث”.

وفي ظل ذلك تبدو لعبة شد الحبل على أشدها، حيث أظهر استطلاع أجرته رويترز للاقتصاديين في مايو الماضي أن هناك فرصة بنسبة 40 في المئة لحدوث ركود في الولايات المتحدة خلال العامين المقبلين، مع احتمال حدوثه بنسبة 25 في المئة خلال العام المقبل.

وقال يوشيكي شينكي كبير الاقتصاديين في معهد داي إيتشي لأبحاث الحياة الياباني “هناك أمل في أن ينتعش اقتصاد الصين بعد فترة من الضعف. ولكن الآن هناك خطر حدوث تباطؤ في الاقتصادات الأميركية والأوروبية”.

وأضاف “ستكون حرب شد وجذب بين الاثنين، على الرغم من وجود الكثير من عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية”.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي كيكسن/ماركيت في الصين إلى 51.7 نقطة، مسجلا أول توسع في أربعة أشهر وأعلى بكثير من توقعات المحللين لقراءة 50.1 نقطة.

وجاء مسح كيكسن، الذي ركز على الشركات الموجهة للتصدير والشركات الصغيرة في المناطق الساحلية، في أعقاب البيانات الرسمية التي تظهر أن قطاعي المصانع والخدمات في البلاد قطعا ثلاثة أشهر من التراجع في النشاط في يونيو.

وبدأ الاقتصاد الصيني في رسم مسار الانتعاش للخروج من صدمات العرض الناجمة عن عمليات الإغلاق الصارمة، على الرغم من استمرار المخاطر مثل انخفاض الإنفاق الاستهلاكي والخوف من موجة أخرى من الإصابات.

وفي الوقت نفسه، انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأخير من بنك أو جيبون الياباني إلى 52.7 نقطة في يونيو من 53.3 نقطة في الشهر السابق.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات العالمي من ستاندرد آند بورز غلوبال في كوريا الجنوبية إلى 51.3 نقطة، منخفضا للشهر الثاني على التوالي، مما يعكس قيود الإمداد وإضراب سائقي الشاحنات.

وأظهرت بيانات منفصلة أن صادرات كوريا الجنوبية، التي يُنظر إليها على أنها وكيل للتجارة العالمية لأن مصنعيها متمركزون في أجزاء كثيرة من سلسلة التوريد العالمية، تنمو بأبطأ وتيرة في 19 شهرا.

أما مؤشر مديري المشتريات الهندي فأشار إلى توسع إنتاج المصانع بأبطأ وتيرة في تسعة أشهر، حيث أدت ضغوط الأسعار المرتفعة إلى تقييد الطلب والإنتاج.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةرئيس «دويتشه بنك»: التضخم المرتفع يهدد السلم الاجتماعي
المقالة القادمةجمود الإصلاحات يضع لبنان على أبواب أزمة مالية أخطر