انهيار العملة الوطنيّة: سلامة ينفّذ سياسة الأرض المحروقة

«سياستُك ستؤدّي إلى طباعة الكثير من الأموال بالليرة، ما يؤدّي إلى تضخّم مُرتفع، وإلى مزيد من التدهور في سعر صرف الليرة الذي قد يصل في هذه الحالة إلى 10 آلاف ليرة مقابل الدولار، وربّما يصل إلى 20 ألف ليرة» – الكلام لممثل صندوق النقد إلى رياض سلامة في 28 أيار 2020.

رمَى «الصندوق» هذه التُهمة بوجه حاكم مصرف لبنان خلال إحدى جلسات التفاوض مع وفد الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان على خطة الإنقاذ المالي، بعد أن عرض سلامة أن تُقسّط خسائر القطاع المالي على فترات طويلة، أي طبع المزيد من الليرات ورفع مُعدّلات التضخّم، وتعويضها من خلال وضع اليد على الأملاك العامة…

في 16 آذار 2021، بلغ سعر الصرف في السوق أكثر من 14 ألف ليرة مقابل الدولار، فيما البنك المركزي مُنسحب من أداء وظيفته، يُفضّل حاكمه حلّ مسائل قضائية شخصية في باريس. تطورات الأيام الأخيرة المأسوية ليست سوى «التزام» من سلامة بسياسة «الأرض المحروقة»، بالتزامن مع وجود مجلس وزراء قرّر أنّه لم يعد يُريد اتّخاذ أي قرار، ومجلس نواب «اختصاصه» تعطيل كلّ مشروع «يحمي» القليل من حقوق الناس، وتشريع مصالح القطاع المصرفي على حساب المواطنين.

كلام مُمثلي صندوق النقد العام الماضي، كان تعرية لنيات سلامة وخطّته في تَرك الليرة تنهار، فيتمكّن من تعويض خسائر «المركزي» والمصارف. هو تحميل المصيبة كاملةً للناس عن سابق تصوّر وتصميم، بعد أن خُدعوا بـ«نعيم» تثبيت سعر الصرف ودفعهم إلى الاستهلاك بما يفوق قدراتهم المادية.

«قرار تحرير سعر الصرف يتّخذه وزير المالية وليس حاكم مصرف لبنان»، يقول أحد الوزراء في حكومة تصريف الأعمال. خلال الفترة الماضية، «ضغط سلامة كثيراً لاتخاذ قرار تحرير سعر الصرف وجعله عائماً من دون ضوابط». لم يأخذ سلامة في عين الاعتبار أنّه حتّى سعر الصرف العائم بحاجةٍ إلى مقوّمات عديدة قبل اعتماده، أهمّها «قدرة البنك المركزي على التدخّل لمنع انهيار العملة الوطنية، أي امتلاكه الدولارات. فهل هي مُتوافرة لديه؟ إضافة إلى ذلك، يجب حصول نموّ اقتصادي مقبول وتراجع العجوزات، ووجود حكومة فاعلة ومجلس نواب يواكبها تشريعياً». وزارة المالية مُقتنعة بضرورة التخلّي عن تثبيت سعر الصرف، «ولكنّها بعد دراسة الوضع وَجدت أنّ التعويم في ظلّ الواقع الحالي له انعكاسات سيّئة.

فضلاً عن إعادة فتح النقاش حول إمكانية المسّ بالاحتياطي الإلزامي لاستخدام الدولارات. تُجيب إحدى الخبيرات الاقتصاديات التي تولّت مناصب في مؤسسات دولية أنّه «يجب التفريق بين المقاربة القانونية التي تقول إنّه لا يجوز أن يتدنّى الاحتياطي عن الـ15% لأنّها أموال الناس، وبين أنّه اقتصادياً هذه الدولارات لا معنى لها بوجود فجوة في حسابات مصرف لبنان تفوق 50 مليار دولار، وتمنع أي مصرف مركزي من لعب دوره بعد أن فقد كلّ مصداقيته». تتحدّث عن خطورة مغادرة «المركزي» السوق، «ولكنّ التخلّي عن واجباته بدأ منذ أول الأزمة وعمّقها عبر الاستخدام العشوائي للدولارات، لذلك عبثاً نتوقّع منه اليوم إجراءات، فيما المطلوب تصحيح للواقع النقدي».

 

مصدرجريدة الأخبار - ليا القزي
المادة السابقة“فخامة الدولار” يحكم… وفدية مالية لتغذية “التيار”
المقالة القادمةوزني: زيادة تدريجية لأسعار المحروقات في الأشهر المقبلة