يوم أمس، أوقفت دورية من مخابرات الجيش شخصاً في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النّور) في طرابلس، وبحوزته غالونات بنزين كان يبيعها في السّوق السوداء، فصادرت الغالونات واقتادت الموقوف للتحقيق.
بيع مادة البنزين في غالونات على جانبي الطرقات والسّاحات من قبل مواطنين، بات مشهداً طبيعياً في طرابلس ومناطق شمالية أخرى منذ أن بدأت أزمة المحروقات قبل عدّة أشهر. ومع أن الأجهزة الأمنية كانت تقوم دورياً بـ«كبسات» توقف خلالها من يقومون بهذا العمل، إلا أن تفاقُم الأزمة بشكل تصاعدي جعل هذه الظاهرة تتسع يومياً.
بعض هؤلاء ممّن التقت بهم «الأخبار» وطلبوا عدم ذكر أسمائهم، أوضحوا أن القيام بهذا العمل يأخذ أوجهاً مختلفة. أحدهم قال: «بعد أن أملأ خزان سيارتي بالوقود من إحدى المحطّات، أقوم بتفريغ البنزين في غالون، ثم أعود لأملأ الخزان مجدّداً من المحطة نفسها أو من محطّة أخرى، على أبيع الغالون الذي خزّنته لمن يحتاجه بسعر مضاعف أحياناً»، مبرّراً هذه الزيادة غير المشروعة بقوله: «أنتظر ساعات طويلة لأحصل على الغالون قبل بيعه. الوقت له ثمن أيضاً».
وجهٌ آخر لهذه السوق الرديفة لبيع المحروقات يتمثّل في اتفاق أصحاب محطات مع شبان أو عاملين لديهم لبيع هذه الغالونات في السوق السوداء، بعد ملئها لهم إما ليلاً أو من باب خلفي للمحطة بعيداً عن الأنظار، وفق صيغة معيّنة لتقاسم الربح بين هؤلاء وأصحاب محطات.
في المقابل، فإن حسابات الباعة الكبار للمحروقات في السوق السوداء يختلف عن تلك التي يجريها الباعة الصغار. أحد أصحاب المحطات أراح نفسه من كل هذا العناء، فقد قام ببيع حصته من المحروقات وهي في الصهاريج لتجّار يعملون في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، مكتفياً بكميات قليلة يسدّ بها حاجته وحاجة بعض زبائنه المقرّبين.
شركة كبيرة تعمل في مجال توزيع وبيع المحروقات لجأت إلى أسلوب آخر لعلّه أحد أسباب أزمة الوقود في طرابلس وغيرها، بشكل يمكن اعتبار باعة الغالونات أمامها أشبه بالسمك الصغير مقابل الحيتان الكبيرة. إذ تقوم هذه الشركة بتفريغ نحو ثلث كمية وقود مخصصة لإحدى المحطات في خزاناتها، نصف هذا الثلث مدفوع ثمنه مسبقاً والثلث الآخر مجاني، على أن يوقّع صاحب المحطة على أنه تسلّم الكمية كاملة، لتقوم الشركة الكبيرة لاحقاً ببيع باقي الكمية في السوق السوداء، محققة أرباحاً طائلة.