بالأرقام: مئات آلاف اللبنانيين يسوحون في الخارج

ليس جديداً ولا غريباً أن يشهد لبنان حركة سياحة معاكسة، لكن أن يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين بداعي السياحة هذا العام، وينفقون المليارات خارج البلد، فإن ذلك يطرح العديد من علامات الاستفهام حول تراجع جاذبية البلد السياحية من جهة، وعن احتمال اختلال الميزان السياحي اللبناني، لاسيما أن الفارق بين أعداد الوافدين والمغادرين يتقلّص تدريجياً حتى أنه سجّل خلال شهر تموز أقل من 100 ألف شخص فقط.

يصدّر لبنان سنوياً ما لا يقل عن 300 ألف سائح لبناني إلى مختلف دول العالم، وتشكّل تركيا ومصر واليونان الوجهات الأكثر إقبالاً من قبل اللبنانيين، الباحثين عن الرفاهية بأسعار مخفّضة. غير أن العام 2019، وإن كان موسمه الصيفي السياحي لم يُختتم بعد، فقد سجّل رقماً قياسياً في عدد الرحلات السياحية المعاكسة. ومن المتوقع أن يُختتم الموسم الحالي على خروج أكثر من 500 ألف مواطن لبناني من البلد بداعي السياحة.

رحلات كثيفة إلى تركيا

منذ بداية شهر تموز من العام الحالي يغادر لبنان يومياً ما يتراوح بين 40 و45 طائرة إلى تركيا فقط، الوجهة الأكثر جذباً للسائح اللبناني، أي بمعدل وسطي لا يقل عن 130 راكباً لكل رحلة. ووفق مؤشرات مطار رفيق الحريري الدولي، فإن الغالبية الساحقة من الرحلات إلى تركيا تقلّ سياحاً لبنانيين لاسيما تلك المتوجهة إلى مطارات بودروم ودالامان وأضنة، أما المتوجهة إلى مطار أتاتورك في اسطنبول فيتنوّع ركابها بين السياح والعابرين إلى دول أخرى عبر اسطنبول.
وتأتي مصر كوجهة سياحية أمام اللبناني بالدرجة الثانية بعد تركيا، في مواسم الربيع والخريف، باستثناء رحلات شرم الشيخ التي تنشط صيفاً وتليها اليونان وفرنسا، اللتان تجذبان آلاف السياح اللبنانيين.
وحسب مصدر موثوق في نقابة مكاتب السياحة والسفر، في حديث إلى “المدن”، فإن عدد السياح اللبنانيين يقارب سنوياً 300 ألف، أما العام 2019 فمن المتوقع أن يفوق العدد 500 ألف سائح، “والرحلات السياحية خصوصاً التشارتر (Charter) إلى الدول القريبة جغرافياً كتركيا واليونان تفوق أضعاف ما كانت عليه في الأعوام السابقة، إذ منذ قرابة شهر ونصف الشهر، أي إبتداء من منتصف شهر حزيران وحتى نهاية تموز، انطلقت من بيروت عبر طيران تشارتر فقط نحو ألف و500 رحلة. ما يؤكد خروج نحو 200 ألف سائح لبناني بالحد الأدنى إلى وجهات سياحية مختلفة.

ورغم عدم توفر الأرقام الدقيقة، نظراً لعدم انتهاء موسم الصيف، يؤكد أحد المسؤولين في شركة نخّال للسياحة والسفر (إحدى أبرز الشركات في بيروت) أن الحجوزات متزايدة بشكل لافت منذ بداية العام 2019 بالمقارنة مع العام الماضي. ويتّضح ذلك من خلال حجوزات شهر تموز. إذ أن الغالبية العظمى من المسافرين اللبنانيين يتّجهون إلى تركيا ومصر واليونان كونهما من أقل الوجهات السياحية تكلفة. كما أن الإقبال يرتفع بشكل ملحوظ على العروضات والرزم السياحية المتكاملة (full packages) والتي تتميّز بأسعار تشجيعية وتنافسية.

 

2.5 مليار دولار
لا يمكن الحديث عن ارتفاع أعداد السياح اللبنانيين من دون التطرّق إلى تزايد حجم الإنفاق السياحي للبنانيين في الخارج، وخروج مبالغ لا يُستهان بها من العملة الصعبة من البلد. واستناداً إلى متوسط أعداد السياح اللبنانيين المتوقع تسجيل خروجهم حتى نهاية الموسم، أي 500 ألف سائح، فإن متوسط إنفاقهم خارج البلد لن يقل عن 2.5 مليار دولار أو 3 مليار دولار، وذلك باعتبار متوسط إنفاق الشخص الواحد 5000 دولار خلال رحلته خارج لبنان.
فلا يقتصر الإنفاق السياحي، وفق المصدر، على الغالبية العظمى من السياح اللبنانيين الذين يقومون برحلات متوسطة أو منخفضة التكلفة، بل يتركّز الإنفاق على الـ10 في المئة من السياح، وهم من المقتدرين الذين يسجل إنفاق الفرد منهم ما يتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف دولار يومياً. وهم الشريحة الأكثر بذخاً في الخارج.
تتنوّع أسباب الإقبال الكثيف للبنانيين على السفر، وتكثر الإغراءات بين عروضات المايلز عبر البطاقات المصرفية وتنافسية الشركات السياحية وتقديمها رزماً متدنية الأسعار وغيرها من الإغراءات، إلا أن الدافع الأبرز للسفر يبقى الفارق الكبير بين أسعار تمضية الفرص الصيفية والنقاهات في لبنان وبينها في دول أخرى كتركيا أو مصر أو غيرها.. ويعود ذلك لعدة عوامل أهمها ارتفاع أسعار الحجوزات الفندقية والمنتجعات السياحية بشكل غير مدروس في لبنان من جهة، والى انخفاض عملات دول سياحية كتركيا ومصر من جهة أخرى، بحيث يقارب متوسط تكلفة ثلاث ليال في منتجع سياحي في لبنان تكلفة سفر إلى إحدى المدن التركية تشمل تذكرة السفر والفندق والمواصلات لمدة لا تقل عن ثلاث ليال، مع ما يتضمنها من نشاطات ترفيهية أخرى.
مصدرMTV
المادة السابقةممنوع المرور من جسر المطار إلى تقاطع صبرا – الرحاب.. في هذه المواعيد!
المقالة القادمةبري: لا استثمار ولا نهوض بالاقتصاد من دون الاستقرار السياسي والأمني