إفتتح نقيب أطباء لبنان في بيروت يوسف بخاش مؤتمر الطب الاغترابي، بعد ظهر أمس الجمعة، بعنوان “معاً” together، في “بيت الطبيب” – فرن الشباك، برعاية وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب وحضور وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، والنواب: بلال عبد الله، سامر التوم، شربل مسعد، وعناية عز الدين، وزراء ونوّاب سابقين، ممثلين عن قادة الأجهزة الأمنية وعدد من نقابات المهن الحرة، نقباء المهن الصحية، نقباء الأطباء السابقين، أطباء من دول الانتشار وحشد من الأطباء.
بخاش
وألقى بخاش كلمة قال فيها: “نطل عليكم في هذا المؤتمر الاغترابي بعد غياب دام أكثر من عقدَين ونيّف، لنؤكد لكم أن نقابة الاطباء عادت لتلعب دورها على الصعد كافة، وحددت اهدافها وتعمل بكل جهد على تحقيقها. فكما للطبيب المقيم حق على نقابته الأم، فعليكم مسؤولية تجاه وطنكم الام”.
أضاف: “نعي أن أحداث 1975 المشؤومة، أسَّست لهجرةٍ قسريَّة كانت الأولى آنذاك من حيث حجمها وتداعياتها السلبية. ومع سلبياتها وبحسن تدبير اللبناني، كانت لها حسنات أثمرت تشكيلَ جمعيّات أطبّاء في بلاد الانتشار، لا سيّما في كلٍ من فرنسا وأميركا والبرازيل باعتبار هذه الدّول الصّديقة كانت المحطات الأولى للهجرة”.
وتابع: “لا أكشف سرّاً إن قلتُ إنّي كنتُ بدأت التّواصل مع هذه الجمعيّات قبل أن أُنتخَب على رأس النقابة، وإن كانت اجتماعتنا آنذاك افتراضيّة. ولم تكن تلك الاجتماعات خاتمة للصّعاب، التي عاناها الطبيب اللبنانيّ، بل توالت الأحداث وانتهت إلى انتفاضة، ومن بعدها تفجير العاصمة، فكانت الموجة الثانية من الهجرة والأشد وطأة على القطاع الطبي عموما”.
وأردف: “بتنا نُعاني من نقص فادحٍ في الأطباء من اصحاب الاختصاص والممرضات والممرضين والعاملين في قطاع الاستشفائي، وتفاعلت الازمات الاقتصادية والنقدية والمالية، فحولت كلّ طبيب إلى مشروع هجرة”.
وقال: “التّحديات هذه، وما رافقها من تداعيات دفعت بي كنقيب لأطباء لبنان في بيروت إلى توسيع مروحة اتصالاتي الداخلية والخارجية فأسّست علاقة ممتازة مع وزارة الصحة العامة والجمعيات المعنية بالمساعدات الانسانية والجمعيات الطبية العلمية. كما وجلت في دول الانتشار بهدف استعادة الدور الأساسي للنقابة، وهو دورٌ مُثلّث الأضلاع علمي عبر الجمعيات العلمية، وإنسانيّ عبر التواصل مع المعنيين لإقرار سياسة صحيّة تتماشى مع التطورات الحاصلة وإعادة وصل الطبيب المغترب بوطنه الأم والتواصل مع الأجهزة الطبية المحلية لتبادل الخبرات والاطلاع على آخر ما توصلت اليه الدراسات من حلول لمشاكل الصحة”.
أضاف: “ها نحن اليوم نُنظّم هذا المؤتمر المنصوص عنه في النّظام الداخليّ لنؤكّد دورنا الجامع والحاضن للأطباء، أينما وُجِدوا، وفي أي مرحلة كانوا، بدءاً من مقاعد الدراسة، وصولاً إلى ما بعد التقاعد”.
وأمل في “أن يؤسس هذا النّشاط إلى مرحلةٍ جديدةٍ عنوانها بداية الانفتاح على العالم وتوثيق التعاون مع الاغتراب لدعم المتخرجين الجدد وتسهيل عبورهم إلى المعرفة والنقليات الجديدة. كما وتسهيل عودة المغتربين أو الأطباء في الانتشار ليستثمروا مهاراتهم الطبية وتنظيم حملات انسانية في الداخل اللبناني”.
ولفت إلى أنَّ “الكثير من دول الخليج تملك الثروات الطبيعية، لكنها تفتقد دائماً الثروات البشرية”، وقال: “أرجو أن يكون هذا الكنز الفكريّ اللبنانيّ سواء أكان في الداخل أو في الخارج عاملاً أساسياً للمحافظة على لبنان كمستشفى وجامعة ومدرسة الشرق الاوسط”.
وشكر لـ”كل من عمل على تنظيم هذا المؤتمر وساهم في إنجاحه، لا سيّما وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال الّذي جنّد سفارات لبنان في الخارج للمساعدة في التواصل”.
كما وشكر لوزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال “كلّ ما يُقدّمه إلى القطاع”.
الهاشم
وألقى رئيس جمعية “الأطباء الأميركيين” من أصول لبنانية الدكتور راي الهاشم كلمة قدم خلالها 36 منحة دراسيّة إلى طلاب كليات الطب المتفوقين.
تكريم نسناس
وكانت محطة تكريم للبروفسور الراحل روي نسناس قدم خلالها نقيب الاطباء درعا تقديرية باسم النقابة.
الأبيض
وألقى الأبيض كلمةً بالإنكليزيّة توجّه فيها إلى أطبّاء الانتشار فتحدث عن “تحديات القطاع”.
وأوضح “آلية عمل وزارة الصحة التي تسعى إلى رسم سياسةٍ صحيَّةٍ تتماشى مع ما يشهدُه القطاع من تطورات، في ظل الأزمات الاقتصادية”.
بو حبيب
وتحدث بو حبيب فشكر لنقابة الأطباء ممثلة بالنقيب “هذه البادرة الهادفة إلى الإضاءة على الطاقات الفكريّة والعلميّة لنخبة من الأطباء المقيمين والمغتربين”، وقال: “يُشرّفني اليوم تلبية دعوتكم لحضور المؤتمر الاغترابيّ الأوّل بعنوان “معاً”، لكي نتشارك معاً الأفكار والاقتراحات لطريقة الاستفادة من طاقات لبنان الإغترابيّة الطبّيّة المنتشرة في أصقاع الأرض”.
أضاف: “يهمّ وزارة الخارجيّة والمغتربين الاستفادة من خبرتكم وتجاربكم ونجاحاتكم لوضع إمكاناتها مع البعثات الدّيبلوماسيّة والقنصليّة المنتشرة حول العالم في خدمتكم بصورةٍ أفضل، فواجباتنا كمسؤولين أن نُترجم المديح والثّناء على أهميّة الإغتراب، وبالأخص يوم الإغتراب الطبّي ودوره الفعّال في مساندة الأهل والأقارب والإقتصاد اللبنانيّ، إلى أفكارٍ وخارطة طريقٍ وخططٍ تُعزّز هذا الأمر، وتعود بالفائدة على الطَّرفَين، أي الاغتراب الطبّي والوطن الأمّ”.
وتابع: “إنَّ مستقبلَ لبنان أمانة في أيدينا جميعاً مقيمين ومغتربين. وما يدعو إلى التفاؤل، رغم كلّ الظروف المعقدة التي نعيشها اليوم، أن هناك نخبة من أهل العلم والفكر والاختصاص في الوطن والمهجر، وأنتم نموذج ساطع، لم تيأس بعد ولم تنأَ بنفسها عن لبنان، لا بل هي حاضرة وراغبة في أن تكون شريكاً استراتيجياً في صياغة لبنان على شاكلتها، وطناً مزدهراً، وملاذاً آمناً للطموح والبحبوحة والرخاء”.
وأردف: “أعطى الاغتراب إشارة يحتذى بها من خلال مشاركته الكثيفة في الاقتراع في الانتخابات النيابية الأخيرة في أيار 2022، بما يدلّ على تعلّقه بوطنه الأم واستمرار شوقه وتصميمه على المساهمة في صنع مستقبله السياسي. تسجل أكثر من 225 ألف ناخب مغترب موزعين على 59 دولة و603 أقلام اقتراع، ومنهم نخبة من الأطباء وأهل الاختصاص. ولقد سر أهلهم المقيمون بالإقبال الشديد من قبل المغتربين على التسجيل لتلك الانتخابات، حيثُ ازداد عددُ المُسجَّلين نحو 3 أضعاف، مقارنةً بانتخاباتِ 2018، وهذا دليلٌ ساطعٌ على استمراريّة تعلّق المغتربين بلبنان، ويعطي ذلك إشارةَ أملٍ إلى استعدادهم للمشاركة مرة أخرى بصناعة مستقبل وطنهم، عند توافر الظروف والعزيمة والإرادة المحلية”.
وقال: “استطاع لبنان خلال السنوات الأخيرة، أن يحافظ على وضعٍ اقتصاديّ مقبول نسبيّاً، بفضل التحويلات الماليّة للمغتربين. وقدر البنك الدولي التحويلات الرسمية لعام 2022 الواردة الى لبنان بمبلغ إجماليّ قدره 6.4 مليار دولار أميركيّ. كذلك، فإن التحويلات النقدية، أي الأموال التي يحملها القادمون معهم إلى لبنان بصورة شخصيّة من خارج النظام المصرفي، تُقدّر بأنها تعادل هذه القيمة ايضاً. وبذلك، تكون هذه التحويلات مجتمعة الرئة التي يتنفس من خلالها وطننا”.
أضاف: “نشدُّ على أيادي المنتشرين اللبنانيين المقيمين في أفريقيا والخليج وأوروبا الذين يُشكّلون السّند الأوّل للاقتصاد اللبناني، من دون إغفال أيضاً الدور المهمّ للمغتربين في الأميركيَّتَين وأستراليا”.
وأكد أنَّ “أهمية الواقع الاغترابي ودوره المحوري يدفعاننا إلى التفكير في وضع سياسات تُحاكي خصوصيَّة الانتشار والاغتراب اللبناني جغرافياً وقطاعياً”، وقال: “من على هذا المنبر، نشدّ على أيدي النقابة ممثلة بالنقيب وزملائه الأعضاء للسَّير بخطًى ثابتة ومستدامة للاستفادة من الطاقات الطبية اللبنانية في الخارج، ووضع آليات وسبل للتعاون العلمي وتبادل المعرفة والخبرات، بما ينعكس إيجاباً على الطرفَين ويؤمن مصلحة لبنان عموماً والقطاع الصحي خصوصاً”.
وختم: “تُرحّب الوزارة وتشجع على تطوير صيغ تعاون بين النقابة في لبنان والنقابات الطبية في العالم، ونعرب عن استعدادنا لتوجيه السفارات اللبنانية لمواكبة ذلك، وتقديم كل مساعدة ممكنة لما فيه الخير والفائدة للبنان والنقابة”.