«براكسات» البنزين: سوق سوداء «منظّمة» وتسعيرة موحّدة!

«براكسات الأزمة» (نسبة إلى نقيب محطات المحروقات الراحل سامي البراكس ونجله جورج عضو النقابة)، كانوا بالأمس عاطلين عن العمل. يعملون في بيع البنزين للحصول على قوت يومهم أو شراء هاتف أو دراجة نارية أو حتّى سيارة. وبعضهم يخزّنه أملاً بتحصيل ثروة. عندما يدخل سامي إلى مقهى الحي يرحّب رفاقه بـ«النقيب». للشاب العشريني «موظّفون» يحصلون على عمولتهم مقابل كلّ غالون يبيعونه، لأن لكل منهم «زبائنه» و«خبرته في التسويق». و«سرّ المهنة» يكمن في أن التواصل لا يمكن إلا أن يكون مع زبائن تثق بهم ولا تبيع لغيرهم خشية أي فخّ تنصبه الأجهزة الأمنية.

كل «البراكسات» يؤكدون أن تعبئة البنزين في غالونات لم تكن بقصد المكسب عند بداية الأزمة، بل لتعبئة البنزين لأنفسهم ولأفراد عائلاتهم وأصدقائهم، أو حتّى لتخزين كميات قليلة منه لـ«القطعة». مع تفضيل كثيرين دفع ثمن الصفيحة أضعافاً على الانتظار في الطابور، «إجت الرزقة» وبات لـ«التجار الجدد» زبائنهم. ولأن «الرزق يعادل الروح» لم يكن معظمهم يتردد في افتعال إشكالات أمام المحطات لإقفالها إذا لم تُعط الأولوية لهم، قبل أن يعقد كثيرون منهم اتفاقات مع أصحاب المحطات والعاملين فيها على فتح طرق مخصّصة لهم للوصول إلى المحطة بعكس السير، وإبلاغهم بمواعيد فتح المحطّة أبوابها!

كما عمل هؤلاء على تطوير «تقنياتهم» لتلبية طلبات الزبائن «المرتاحين»، خصوصاً من المغتربين والسياح، حتى وصلت كلفة «تفويلة» السيارة إلى مليون ليرة قبل رفع الدعم. ومن بين التقنيات التي اعتمدوها تركيب ثلاثة خزانات إضافية في الـ«موتوسيكلات» لتصل سعة الواحد منها إلى 26 ليتراً، أو تركيب خزان إضافي بشكل غير مرئي وراء المقعد الخلفي للـ«فان» لترتفع سعة الـ«ريزفوار» إلى 350 ليتراً. أما مالكو السيارات منهم، فقد أدخلوا تعديلات عليها لمساعدتهم على إفراغ ما فيها، وذلك بتركيب «حنفية» أسفل الـ«ريزفوار» أو عبر الـ«نربيش» الذي ينقل البنزين من الخزان إلى الموتور، أو بإدخال خرطوم داخل الخزان، وبضربات «مارش» متتالية يُفرغ الخزان تماماً.

«براكسات» المحطات لهم الأولوية على حساب العالقين في الطوابير، ولهم تأثيرهم في إحداث مزيد من الزحمة، والأهم في إفراغ المحطات من مخزونها.

 

مصدرجريدة الأخبار - لينا فخر الدين
المادة السابقةالـ«كابيتال كونترول» اختفى في لجنة الإدارة والعدل!
المقالة القادمةالبطاقة الدوائية هل تنهي أزمة الدواء؟