“منعاً للتأويل والسرديّات ولتبيان حقيقة النقاشات التي دارت بين المشاركين”، قدّم كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات الذي شارك في الاجتماعات مع وفد صندوق النقد الدولي وفي مأدبة الغداء التي جمعت مَصرفيين ووفد الصندوق، ملخّصاً وافياً عبر “المركزية”، عن أبرز ما طُرح خلال الغداء:
– أولاً، في ما يتعلق بالمقاربة النظامية لمقترحات إعادة التوازن والهيكلة: يشهد القطاع المالي أزمة نظامية نتجت عن سياسات عامة اعتمدتها الدولة كما يشير إليه تقرير التدقيق الجنائي لـAlvarez and Marsal. إن الأزمات النظامية بحاجة إلى مقاربات مختلفة عن الأزمات التقليدية أو أزمات مصارف معينة. من هنا، تبرز الحاجة إلى اعتماد خطة إنقاذ مالية مبنيّة على المقاربة النظامية للحل، ما قد يُعيد دور القطاع المالي كوسيط مالي أساسي في البلاد ويحدّ من حجم الاقتصاد النقدي الخطير ويساهم في خلق القيَم المضافة الاقتصادية المرجوّة في الأفق ويدعم النهوض الاقتصادي في البلاد. في هذا الإطار، إن المصارف اللبنانية تدعم أي خطة حكوميّة تحظى بدعم صندوق النقد الدولي وتساعد على إعادة الثقة في القطاع المالي كشرط أساسي للنهوض العام على المستوى الاقتصادي في البلد بمجمله.
– ثانياً، في ما يتعلق بالإمكانات المالية المتوفرة على صعيد القطاع المصرفي والبنك المركزي: فيما يجب على أي خطة أن تتضمّن بدون شك تضحيات مصرفيّة جمّة ومشاركة القطاع في تغطية الخسائر الإجمالية، يجب كذلك أن تأخذ الخطة المبتغاة في الاعتبار الإمكانات المتوفرة على صعيد القطاع المصرفي ومصرف لبنان عوضاً عن مقترحات خارجة عن القدرة الحالية والمستقبلية للقطاع المالي. فإن الطاقة الإجمالية للمصارف توازي 8,5 مليار دولار مقسّطة على عدد من السنوات بناءً على السيولة الحرّة الموجودة حالياً في القطاع ومجموع الموجودات الثابتة والاستثمارات والقيمة السوقية لمحفظة الـEurobond. كذلك فإن قدرة البنك المركزي تقارب الـ8.5 مليار دولار (إلا إذا أضيفت احتياطيات الذهب المقدرة بـ22 مليار دولار) ما يعني سقف مساهمة المصارف ومصرف لبنان تقارب الـ17 مليار دولار (39 مليار دولار إذا أضفنا احتياطيات الذهب).
– ثالثاً، في ما يتعلق بمقاربة الـBail-In: إن خطوة الـBail-In تشكّل مخرجاً مقبولاً، إلا أن عملية تحويل الودائع إلى أسهم يجب ألا تكون على حساب المساهمين المستقبليين في سياق سعي المصارف إلى إعادة الرسملة المطلوبة من السلطات. من هذا المنطلق، فإن تحويل الودائع إلى أسهم يجب أن تنفذ قبل زيادات رأس المال من أجل تأمين الضمانة للمساهمين المستقبليين بأن مساهماتهم لن تُستَعمَل في تغطية خسائر قديمة.
– رابعاً، في ما يتعلق بالحاجة إلى فصل ميزانيات المصارف عن ميزانية الدولة: إن الهدف المطلق لأي برنامج إعادة توازن وهيكلة، يجب أن يتمحور حول الفصل المطلق بين ميزانية المصارف وميزانية الدولة. إن الترابط ما بين الميزانيّتَين شكّل عنصراً محرّكاً للأزمة المالية الحالية إضافة إلى عوامل وأسباب أخرى. عليه، فإن الخطة المقترحة يجب ألا تُبقي على ودائع مصرفية في مصرف لبنان. إذ من حهة، لا يمكن شطب تلك الودائع لأن هذا يناقض قرار مجلس شورى الدولة في منتصف شباط المنصرم. ومن جهة أخرى، في حال الإبقاء على تلك الودائع فذلك ينافي الهدف من إعادة الهيكلة، ما يُعيد خطة إعادة التوازن إلى المربّع الأول.
– خامساً، في ما يتعلق بمروحة المقترحات لإعادة التوازن: إن مقترحات إعادة التوازن تقع على عاتق السلطات العامة، وبشكل خاص السلطات التنفيذية والتشريعية. إن المصارف مستعدة للخضوع والتعاون مع أي مقترحات حكومية لتغطية الفجوة المالية، أكان على صعيد عامل التأهّل أو صندوق استرداد الودائع أو إعادة الأموال غير المشروعة أو “الليلرة” الاختيارية أو تحويل الودائع إلى أسهم أو استرجاع الفوائد الزائدة أو اللجوء إلى الصناديق السيادية واحتياطيات الذهب والغاز وغيرها. إن المصارف مستعدة للتعاون على كافة هذه الأصعدة مع الدولة اللبنانية التي يقع على عاتقها إرساء مقاربة بنّاءة لإعادة التوازن والهيكلة بشكل عام.