مرّت صيادلة لبنان بالعديد من الحقبات الصّعبة، أوّلها كانت مع بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، تلاها إقفال بعض الصّيدليات، ارتفاع جنوني في أسعار الدّواء اللبناني نسبةً للدّواء الأجنبي، بعد تدهور قيمة العملة اللبنانية مقابل الدّولار، مما خفّ الطّلب عليه، ورفع الدّعم عنهُ لاحقًا. وتم احتكاره أو تخزينه أو تزويره في العديد من المرّات. والأهمّ من ذلك، تم تهريبه عبر الحدود السّورية.
أمّا الحليب، فالموضوع ليس بعيدًا عن هذه المصيبة التّي حلّت على صيادلة لبنان. وها هو اليوم، يمرّ الحليب في السّوق اللبناني بأسوأ مراحله ليهدّد الصّحة العامّة.
فمن المسؤول ومن الحامي؟
صحّة أطفالنا في خطر
عندما يكون الأمر متعلّقًا بالصّحة العامّة، لا يمكننا أن نمرّ عليه مرور الكرام، خصوصًا إذا كان الأمر متعلقًا بصحّة أطفالنا.
فبعد أن أثّرت الأزمة الاقتصادية ووباء كورونا في مصير الحليب في الصيدليات اللبنانية عام 2020، ها نحنُ اليوم نتكلّم على انتشار الحليب الفاسد والمزوّر في الصيدليات اللبنانية.
وفي بيانٍ صادرٍ عن نقيب الصيادلة اللبناني جو سلّوم، أثارت الشكوى حول ما وصفه بـ “تعتيم شامل” في مجال الأمن الصحي، مطالبًا بمعلومات حول الحليب المغشوش، سواء كان موجهًا للأطفال أم الكبار.
وأبدى استغرابه من عدم وصول أي معلومات حول هذا الأمر إلى النقابة حتى اللحظة، مشيرًا إلى أنّهم قد اضطروا في السابق إلى إصدار تعميم يمنع صرف بعض المتممات الغذائية التي كانت قد تلاعبت بها شركات معينة بتواريخ صلاحيتها. وعبّر عن خيبة أمله من عدم قدرة الجهات المختصّة على ضمان سلامة المواطنين.
وفي حديثه للدّيار، تأسّف سلّوم أنّه حتّى السّاعة، ورغم اجتماعاتهم المكثّفة، ما زالت معلوماتنا خجولة، لكنّنا نحاول قدر المُستطاع، كنقابة صيادلة، أن نستقصي عن موضوع الحليب لصرف هذه المنتجات.
ونركّز على الحليب المخصّص لأطفالنا الرّضّع، أي من عمر الصّفر حتّى السنة الواحدة.
تهريب وغشّ وتزوير
ولفت سلّوم إلى أنّ الحليب المخصّص للكبار ممنوع أن يحتوي على أكثر من 5% من الدّهون المشبّعة، لأنّ ذلك ممكن أن يسبّب أمراضًا في القلب وارتفاعًا في الضّغط. وممنوع أيضًا أن يحتوي حليب الصّغار على نسبة 5% من السّكر، فيما أنّ البنكرياس لديهم لا يستوعب ذلك، ما يؤدّي إلى مرض السّكري المُبكر.
وعمّا إذا تم تأكيد ما إذا الحليب المزوّر في السّوق هو للصّغار فقط، أكّد سلّوم أنّ معلوماته ما زالت أوّليّة. وعمّا إذا كان الحليب الفاسد وطنيا أم أجنبيا، أشار إلى أنّهم كنقابة غير متأكّدين حتّى السّاعة من هذه المعلومات، لكنّ أولويّاتنا الآن هو تركيزنا على حليب الطّفل الرّضيع.
وقال: من واجبنا أن نتحرّك، ونحن طبعًا بحاجة إلى تعميم من قبل جهتين رسميّتين وهما القضاء ووزارة الصّحة.
واعتبر أنّه من الضروري إنشاء خطّة طوارئ، تأخذ عيّنات من كل أنواع الحليب في السوبرماركت والصيدليات، وأن تصدر النتائج بأسرع وقتٍ ممكنٍ، مشدّدًا على أنّ الموضوع يحتاج إلى قرار سياسي لمكافحة أشكال التّهريب والغشّ والتزوير، لأنّ صحّة الناّاس ليست لعبة.
فإلى متى سيبقى لبنان شاهدًا على الغشّ والفساد من دون أيّ حسيبٍ أو رقيبٍ؟