تنشط تحرّكات مصرف لبنان عل خط المصارف المصنّفة “عاجزة” في إطار تمهيد الطريق، ربما لتصفيتها أو دمجها، واتخاذ إجراءات نهائية في شأنها. وبذلك تكون عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي قد بدأت وإن تأخرت لسنوات.
فبعد حل مصرف لبنان مجلس إدارة بنك البركة الإسلامي وتعيين مدير مؤقت له، حل مجلس إدارة فيدرال بنك وعيّن المصرفي سعد العنداري مديراً مؤقتاً له، كما وضع مصارف أخرى على نار حامية لإتخاذ الإجراء عينه بحقهم في المرحلة المقبلة، من بينها “بنك الإعتماد المصرفي BCN” و”بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MEAB.
وبحسب مصادر “المدن”، فقد تم تحديد المصرفيين المُقرّر أن يتولوا إدارة المصارف المذكورة مؤقتاً بعد حل مجالس إدارتها. أما مصرف “لبنان والخليج LGB” فبعد أن قرر مصرف لبنان حل مجلس إدارته بالتوالي بعد المصارف المذكورة أعلاه، عاد وعلّق القرار بشأنه، تجاوباً مع إبداء أحد المصارف الكبرى رغبته بالإستحواذ عليه، وبذلك يتّجه بنك لبنان والخليج إلى حالة الدمج وليس التصفية.
تصفية مصارف “عاجزة”
بعد تأخر دام سنوات، باشر مصرف لبنان التحرك باتجاه المصارف التي ثبت عجزها عن زيادة رساميلها، وعدم تمكنها من تغطية الخسائر المترتبة عليها، بعد مضي مهل عديدة مُنحت لها من قبل المصرف المركزي. ومن بين المصارف التي ثبت عجزها من سبق أن أحيل إلى الهيئة المصرفية العليا، ومنها بنك البركة الإسلامي، ومنها لم تتم إحالتها لكنها مُدرجة ضمن قائمة المصارف التي سيتم حل مجالس إدارتها قريباً، وتولي إدارتها من قبل شخص يعيّنه مصرف لبنان، تمهيداً لاتخاذ القرار النهائي بشأن تصفيتها.
وحسب مصدر مصرفي، فإن ما يقوم به مصرف لبنان تجاه المصارف العاجزة اليوم، لا يتعدى كونه خطوة خجولة في اتجاه إعادة تكوين القطاع. ويوضح المصدر أن الإجراءات الحالية تستهدف حماية الموجودات لتغطية الودائع، وفي حال تبين نقص في الملاءة والأموال الخاصة فيتم حينها ملاحقة مجلس الادارة، ودون ذلك، فالمصارف المعنية تحال إلى التصفية.
عادة عندما يقرر مصرف لبنان وضع يده على مصرف معين، من الممكن حينها ان يعرب مصرف آخر نيته بالاستحواذ على المصرف العاجز أو المقرر وضع اليد عليه، على أن يتعهد بتسوية وضعه. وهذا ما حصل مع بنك لبنان والخليج، حسب المعلومات.
مصير المودعين
إن مسألة وضع اليد على مصرف ما، ليست حلاً نهائياً، إنما هي مرحلة تحضيرية لدراسة ملف المصرف عن قرب. وبناء عليه، يتم تحديد ملاءته ومدى قدرته على تصويب مساره. ويشرح مصدر مصرفي آخر، بأنه حينها فقط يمكن تحديد ما إذا كان سيتم تصفيته او عرضه للاستحواذ من قبل مصرف آخر، على أن يكون العرض جدياً ومقوماً بتقارير تفصيلية عن وضع المصرف.
ويؤكد المصرفي في حديثه إلى “المدن” بأن “إعلان إفلاس المصرف لا يعني أن أموال المودعين ضاعت كلياً، إنما يجري العمل على جمع كافة الموجودات ليتم توزيعها بين المودعين بالعدالة وليس بالمساواة”، بمعنى أنه يتم توزيع الأموال بنسبة معينة على جميع المودعين وليس بقيمة معينة. فالتنفيذ يتم بناء على موجودات المصرف.
ومن الممكن أن تكون عملية التصفية نتيجة لإفلاس المصرف أو نتيجة قرار. لكن في شتى الأحوال، يكون منطق التوزيع بالعدالة وليس بالمساواة. ما يعني أن مصير أموال المودعين سيكون متقارباً جداً بين مختلف الحالات.
وتبقى القاعدة ثابتة في حالات تصفية المصارف بأن توضع التزامات المصرف ضمن جدول اولويات، في مقدمها تأتي أموال المودعين، ومن بعدهم الأسهم والمساهمات، ثم الاستثمارات وفي النهاية أصحاب المصرف.
هذه القاعدة وإن كانت منصفة في حالات تصفية المصارف، غير أنها ستكون كفيلة من دون شك باقتطاع جزء من الودائع، باعتبار أن سيولة وملاءة المصارف، لاسيما المذكورة أعلاه، غير وافرة.
وتعقيباً على ما ورد حول بنك لبنان والخليج أكد المدير العام المساعد في بنك لبنان والخليج خالد عبد الصمد تمتع المصرف بالسيولة والملاءة الكافية لتضمن استمراريته ومزاولة نشاطه المصرفي. وإذ نفى عبد الصمد في اتصال مع “المدن” أن يكون المصرف قد أدرج بين المصارف المعرضة للتصفية شدّد على رضا لجنة الرقابة على المصارف عن أداء المصرف.