قررت امس جمعية الصناعيين اللبنانيين الاعلان يوم الاربعاء في 27 آذار عن “حالة طوارئ صناعية”، بعد ان بحثت في اجتماع طارئ “ما آلت إليه الأوضاع الصناعية، في ظل التأخر في تنفيذ مطالب الصناعيين، الذي انعكس تراجعا غير مقبول في حجم الأعمال، أكان على الصعيد المحلي أم من خلال الصادرات”.
واشار نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش في حديث خاص الى Lebanon economy الى ان الاجتماع اتى بعد ان لمس الصناعيون نوعاً من عدم التجاوب مع المطالب الصناعية خلال الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء. وشدد على ان “الجمعية تهدف الى وضع النقاط على الحروف وتدارك المحظور عبر هذا التحرك، اذ على ما يبدو ان هناك اشخاص يعملون بشكل قوي لمحاربة الصناعة واقفال المصانع اللبنانية، اذ تبيّن ان القرار الذي كان قد صدر بمنع بعض المستوردات التركية قد تم التراجع عنه”.
واذ اعتبر ان “مشكلة القطاع الصناعي كانت ولا تزال انه لا يندرج ضمن اولويات المسؤولين، الذي عليهم ان يتخذوا قراراً، اما يريدون قطاع صناعي ام لا”، شدد على ان “جمعية الصناعيين في الواقع هي ضد منع الاستيراد، وتؤيد وضع رسوم جمركية على المنتجات الاغراقية من اي بلد كانت”.
وكشف ان “جمعية الصناعيين كانت قد تقدمت في الماضي بملفات الى وزارة الاقتصاد وجرى تحويل بعضها الى مجلس الوزراء، الا ان وجود معترضين عليها استدعى تحويلها الى لجنة وزارية، وهذا طبعاً سيتسبب بالتأخير”.
وشدد على ان الجمعية مع دعم كل القطاعات وتطلب ان يكون هناك دراسة اقتصادية موحدة، حتى لا يتم ضرب اي قطاع. وقال: “فليطبقوا خطة ماكنزي، ونحن بألف خير”.
وفي حين كشف ان “الجمعية تتحرك اليوم مع النواب الصناعيين ضد من لا يريد القطاع الصناعي لأسباب خاصة او ربما اسباب متعلقة بدعم التجار”، اكد ان رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل قد وضع وزير الصناعة وائل ابو فاعور في هذه الاجواء.
اهمية السوق المحلي
وكان بكداش قد اشار في حديث الى مجلة “الصناعة والاقتصاد” الى انه “على رغم الايجابيات التي حملها عام 2018 على صعيد القطاع الصناعي، الا انه بقي عاماً صعباً على المصانع نتيجة التراجع الذي شهده السوق المحلي والذي قارب الـ20% وذلك بسبب الواقع السياسي المتأزم وانخفاض القدرة الشرائية للمواطين، اضافة الى خسارة عدد من اللبنانيين لوظائفهم”.
وكشف ان “جمعية الصناعيين عملت على استثمار الايجابيات التي حملها العام، فعقدت اجتماعاً مع النواب الصناعيين بهدف تشكيل لوبي واحد دفاعاً عن الصناعة الوطنية”.
واذ اعلن بكداش ان “جمعية الصناعيين ستعقد اجتماعات مع المستشارين الاقتصاديين للكتل النيابية ايضاً”، اشار الى ان “جمعية الصناعيين تعمل على اكثر من جبهة، فإضافة الى مواكبة هواجس القطاع وبذل محاولات جدية مع الدولة لتخفيض الاعباء التي ترهق كاهله، تعمل على تعزيز ثقافة المواطنين حول اهمية استهلاك المنتجات ذات الصناعة المحلية على صعيد العجز في الميزان التجاري والحفاظ على الاموال داخل البلد وخلق فرص عمل جديدة بشكل خاص لخريجي الجامعات اللبنانية”. وقال: “المؤسسات الصناعية لم تعد مصانع صغيرة توظّف عدد قليل من العمال، بل هي مؤسسات تعمل منذ سنوات طويلة وتشهد عملية تطور متواصلة وتنتج فرص عمل تحتاج الى كفاءات ومؤهلات علمية”.
ولفت الى ان “ارتفاع حجم الاستيراد في عام 2018 يشير الى ان اللبنانيين ينحون بشكل واضح نحو تفضيل المنتجات الاجنبية وهذا مؤشر خطر، اذ ان استمرارية المصانع تحتاج بشكل اساسي الى سوق محلي للتصريف حتى تتمكن من الانفتاح على الاسواق الخارجية”.
ورأى ان “وجود مليون نازح سوري في لبنان لم يكن ذو ايجابيات واضحة على القطاع الصناعي، اذ ان الامم المتحدة عملت على وضع مناقصات وارسالها الى التجار الذين في معظم الاحيان استوردوا بضاعتهم من الخارج لتحقيق ارباح اكثر”. وكشف ان “جمعية الصناعيين تواصلت مراراً مع الامم المتحدة شارحة هذا الشأن، الا ان الامور لم تشهد اي تغيير او تحسّن”.
ايجابيات عديدة .. ولكن
واعلن بكداش ان “اعادة فتح معبر نصيب في عام 2018 كانت امراً ممتازاً، الا ان الصناعيين تفاجؤوا بإرتفاع رسوم المرور بشكل كبير جداً، وبالتالي استمروا بتصدير بضائعهم عبر البحر”. وشدد على ان “هذا الامر يحرم الصناعيين من ميزة اساسية تمتعوا بها خلال سنوات خلت وهي قدرتهم على تلبيىة حاجات الاسواق الخليجية بوقت قصير مقارنة مع باقي بلدان العالم، ما يعني ان لا غنى للصناعيين اللبنانيين عن التصدير عبر معبر نصيب الامر الذي يسلط الضوء على ضرورة بحث مشكلة ارتفاع رسوم المرور في اقرب وقت ممكن”.
واعتبر ان “عام 2018 حمل تطور هام تمثّل بتقديم جمعية الصناعيين لـ30 ملفاً حمائياً لوزير الاقتصاد والتجارة الذي ابدى ثقة بالقطاعات الانتاجية وضرورة حمايتها من الاغراق، وهذا يتوافق مع توجهات جمعية الصناعيين التي تهدف الى فرض ضرائب في حال وجود منتجات اغراقية او اذا كانت تدعم صناعتها وتخالف القوانين التجارية الموقعة مع لبنان”. وقال: “نلاحظ ان معظم الدول التي وقّع لبنان معها اتفاقات تجارية، ارتفعت صادراتها اليه، فيما لم يجنِ لبنان اي فوائد تذكر وذلك بسبب وجود ضعف وخلل ما في متابعة الامور والتغاضي عن ايلاء المصالح الاقتصادية الاولوية. وفي الواقع، لبنان موجود ضمن دوامة تحكمها المصالح السياسية، وهذا يضر بالإقتصاد الى حد كبير. فالكل يعلم ان القطاع الخاص هو من ينهض بلبنان، وبالتالي ايلاء مطالبه الاهمية اللازمة امر ضروري وملح”.
واضاف: “لبنان لديه امكانيات اقتصادية مهمة، لكن لا احد يعمل لتقديم فرصة له لينهض. فعلى صعيد القطاع الصناعي، هناك صناعيون كثر يتواجدون في المعارض الدولية، وهناك صناعات لبنانية مهمة لا يعرف الشعب اللبناني انها تصنّع في وطنه وهناك ايضاً حركة تصدير الى اهم دول العالم. إنما المطلوب اليوم خطاب سياسي معتدل، واداء حكومي يضع البند الاقتصادي ضمن اولوياته لا سيما في ظل وجود خطة اقتصادية لحظت ما كنا ننادي به منذ سنوات طويلة، وهو تفعيل القطاعات المنتجة”.
وتابع: “من الضروري على اي حكومة مقبلة معالجة المشاكل الاقتصادية وتحديداً الإلتفات الى القطاعات المنتجة اذ انها وحدها القادرة على الصمود في ظل الخطاب السياسي المتأزم في لبنان، فالسياحة قد تتوقف والتجارة تضعف ومعدل الاستثمار ينخفض لكن المصانع لا تتوقف والانتاج الزراعي سيستمر، ومعهما سيبقى طرح فرص عمل جديدة متواصل”.
نقاط قوة يجب استثمارها
وربط بكداش تفاؤله بمستقبل القطاع الصناعي في العام 2019 بمجموعة عوامل منها معالجة مشكلة رسوم المرور عبر معبر نصيب والتي تتطلب ان يزور الوزراء المعنيين سورية كون هذه المسألة مهمة للقطاع بشكل كبير.
واعتبر ان “تشكيل الحكومة وانطلاق عجلة العمل لناحية خطة ماكنزي ومؤتمر سيدر الذي سيكون حصة للقطاع الصناعي من ايجابياته ولوبشكل غير مباشر، امر مهم ايضاً للقطاع”.
واكد ان “القطاع الصناعي البناني يملك العديد من نقاط القوة التي تبشّر بمستقبل جيد منها قدرته على التجديد والتطور حيث تشهد ارقام استيراد المعدات الصناعية منحاً تصاعدياً بشكل دائم، اضافة الى جودة المنتجات التي يقدمها حيث يراعي المعايير العالمية، وسعي الصناعيين المتواصل لتوسيع اسواقهم الخارجية على رغم مختلف التحديات التي تواجههم”.
واعتبر ان “صوت جمعية الصناعيين مسموع بشكل عام لدى المعنيين، الا ان الوزراء بمفردهم لا يستطيعون ان يغيّروا كثيراً في المعادلات ولذلك يتم الحديث دائماً عن لوبي ضاغط او مجلس وزراء مصغّر من الاقتصاديين”.
ولفت الى “ضرورة معالجة مشكلة الاقتصاد غير الشرعي الذي يكبر يوماً بعد يوم ويحرم الدولة من مداخيل مالية مهمة كما يضع المؤسسات العاملة بشكل شرعي في دائرة خطر التراجع”.